للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا هو الراجح إن شاء الله، لعدم الدليل الصريح الصحيح في ذلك، وحديث ابن عمر المذكور ضعيف، لا تقوم به حجة لما تقدم، ثم إنه لم يذكر فيه التكبير للرفع، وهم يقولون به.

الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية سجود المستمع إذا سجد القارئ، وهو سنة على الراجح من قولي أهل العلم، وقد ثبت هذا الحكم في حديث ابن عمر في الصحيحين، قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه، حتى ما يجد أحدنا موضعاً لجبهته (١).

الوجه الرابع: لا يشرع رفع اليدين عند سجود التلاوة، لأن المأمور به هو السجود، ولم يرد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه رفع يديه، فلا يزاد على السجود شيء بمجرد الرأي، وقياساً على سجدات الصلاة فإنه لا رفع فيها، ولا يشترط فيه تسليم، فإنه لم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه سلم بعد السجود.

ويجوز السجود في كل وقت حتى أوقات النهي، لأن السجود ليس بصلاة، والأحاديث الواردة في النهي مختصة بالصلاة.

ويجوز السجود على غير طهارة، إذ لا دليل على اشتراطها إلا على اعتبار سجود التلاوة صلاة، وهذا فيه نظر، فإن السجدة لا تسمى صلاة في لسان الشرع، وقد كان يسجد مع النبي صلّى الله عليه وسلّم من حضر تلاوته، ولم ينقل أنه أمر أحداً منهم بالوضوء.

وكل هذه التفريعات وغيرها من مسائل سجود التلاوة مبنية على أنه ليس بصلاة، وهو الصواب، ومن قال: إنه صلاة، أوجب التسليم والاستقبال وعدم السجود أوقات النهي وغير ذلك من التفريعات.

ولا ريب أن سجود التلاوة بشروط الصلاة أفضل وأكمل، كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (٢).


(١) "صحيح البخاري" (١٠٧٥) ومسلم (٥٧٥).
(٢) "الفتاوى" (٢٣/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>