قوله:(الجارية) هي الفتية من النساء، سميت بذلك لخفتها، والمراد هنا: الصغيرة التي في زمن الرضاع.
قوله:(ويرش) أي: يصب عليه الماء بحيث يعم مكان البول، وفي حديث علي رضي الله عنه المتقدم (يُنضح) وفي حديث أم قيس: (فدعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله)، والفرق بين الغسل والنضح، أن الغسل أن يغمره الماء وينزل عنه، وفي النضح لا يشترط أن ينزل عنه، بل يكاثره بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره.
قوله:(الغلام) هو الابن الصغير، من الولادة إلى البلوغ، وقد يطلق على ما بعد البلوغ مجازاً باعتبار ما كان عليه، والمراد به هنا: زمن الرضاع، لما جاء في حديث علي رضي الله عنه عند الترمذي بلفظ:(بول الغلام الرضيع .. ).
الوجه الرابع: الحديث دليل على التفريق بين بول الغلام وبول الجارية، وأنه يجب فيهما استعمال الماء، وإنما التفرقة في كيفية الاستعمال، وهو أن بول الغلام يكفي رشه بالماء رشاً يعم مكان البول، ولا يحتاج إلى غسل ولا عصر، وقد ورد في حديث أم قيس - عند مسلم ـ:(فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله غسلاً)، وأما بول الجارية فيغسل كغيره.
الوجه الخامس: أن هذا الحكم - وهو نضحه ورشه - مقيد بما إذا لم يأكل الطعام كما قيده به الراوي، وهو قتادة رحمه الله، وفي حديث أم قيس:(لم يأكل الطعام)، وعند مسلم:(لم يبلغ أن يأكل الطعام)، ومعنى:(لم يأكل الطعام)، أي: لم يكن الطعام قوتاً له لصغره، وإنما قوته اللبن سواء أكان لبن ادمية أم بهيمة أم كان حليباً مجففاً - كما هو الآن - لأن المعنى واحد، وليس المراد أنه لم يدخل جوفه شيء قط؛ لأنه يسقى الأدوية والسكر ويحنك حين الولادة، فإذا تغذى بالطعام صار بوله كبول الكبير، ولو كان أحياناً يشرب لبناً.
الوجه السادس: قال ابن القيم: (إن التفرقة بين بول الغلام والجارية من محاسن الشريعة وتمام حكمتها ومصلحتها.