للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والفرق بين الصبي والصبية من ثلاثة أوجه:

أحدها: كثرة حمل الرجال والنساء للذكور، فتعم البلوى ببوله، فيشق عليه غسله.

والثاني: أن بوله لا ينزل في مكان واحد، بل ينزل متفرقاً هاهنا وهاهنا، فيشق غسل ما أصابه كله، بخلاف بول الأنثى.

الثالث: أن بول الأنثى أخبث وأنتن من بول الذكر، وسببه حرارة الذكر، ورطوبة الأنثى، فالحرارة تخفف من نتن البول، وتذيب منها ما لا يحصل مع الرطوبة، وهذه معانٍ مؤثرة يحسن اعتبارها في الفرق) (١).

وقد ذكر ابن ماجه عن أبي اليمان المصري قال: (سألت الشافعي عن حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم «يرش من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية» والماءان جميعاً واحد، قال: لأن بول الغلام من الماء والطين، وبول الجارية من اللحم والدم، ثم قال لي: فهمت؟ أو قال: لقِنْتَ؟ قلت: لا، قال: إن الله تعالى لما خلق ادم خلقت حواء من ضلعه القصير، فصار بول الغلام من الماء والطين، وصار بول الجارية من اللحم والدم، قال لي: فهمتَ؟ قلت: نعم، قال لي: نفعك الله به) (٢).

قال ابن الملقِّن: (وهذا عزيز حسن، لا يعدل عنه إلى غيره، والعجب أن أصحابنا - أي: الشافعية - أهملوا ذلك في كتبهم، وهو قول إمامهم .. ) (٣).

الوجه السابع: ليس في تجويز النضح من بول الغلام دليل على طهارته، بل هو نجس، ولكنه من أجل التخفيف في إزالته، قال النووي: (وقد نقل بعض أصحابنا الإجماع على نجاسته، وأنه لم يخالف فيه إلا داود الظاهري) (٤).

الوجه الثامن: الحديث يدل بمفهومه على أن عَذِرَةَ الصغير يستوي فيها الغلام والجارية، فلا بد فيها من الغسل كبقية النجاسات؛ لأنهما سواء في جميع الأحوال، لكن فرقت السنة بينهما في البول، فبقي ما عداه - وهو العذرة - على الأصل، والله أعلم.


(١) "إعلام الموقعين" (٢/ ٥٩).
(٢) "سنن ابن ماجه" (١/ ١٧٥).
(٣) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (١/ ٦٨٦).
(٤) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>