للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: ظاهر الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يضطجع في بيته، لأنه صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي راتبة الفجر فيه، ويؤيد هذا حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم: (أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا صلى سنة الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة)، وعلى هذا فلا يشرع فعلها في المسجد إن صلى فيه راتبة الفجر، فإن صلاها في بيته استحب له الاضطجاع، ولم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا عن أحد من أصحابه أنهم فعلوها في المسجد، بل قال ابن حجر: (إنه صَحَّ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يحصب من يفعله في المسجد (١)).

وقال بعض أهل العلم: إن هذه الضجعة تابعةٌ لركعتي الصبح، فإن ركعهما في البيت اضطجع فيه، وهذا أفضل وأكمل، وإن ركعهما في المسجد اضطجع فيه، وإن خالف لا يضره، لأنه ليس فيها تحديد بموضع دون موضع (٢).

والذي يظهر لي - والله أعلم - أنه لا يشرع الاضطجاع في المسجد، لما تقدم من أنه لم يثبت عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولا عن أحد من أصحابه أنهم فعلوها في المسجد، ولأن الناس في المسجد يتمون الصف الأول فالأول ويتقاربون حتى قبل إقامة الصلاة، فيكون الاضطجاع في المسجد في مثل هذه الحال غير لائق، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٣٤٨)، "فتح الباري" (٣/ ٤٤).
(٢) انظر: "إعلام أهل العصر" ص (٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>