للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقلق ولا يستغرق في النوم، لقلق قلبه، وطلبه مستقره وميله إليه، ويمكن أن يضاف إلى ذلك أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يحب التيامن في شأنه كله. والعلم عند الله تعالى (١).

الوجه الثالث: روى مسلم من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن، فيصلي ركعتين خفيفتين (٢)).

وهذا يدل على أن الاضطجاع بعد صلاة الليل، لا بعد راتبة الفجر، وقد خالف مالك جميع أصحاب الزهري أمثال معمر وعقيل ويونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم في ذكر الاضطجاع، فهم يذكرونه بعد راتبة الفجر، وهو يذكره بعد صلاة الليل.

فمن أهل العلم من رجح رواية مالك، لأنه أثبت أصحاب الزهري وأحفظهم، ومنهم من قال: بل الصواب في هذا مع من خالف مالكاً، وأن الاضطجاع بعد راتبة الفجر هو المحفوظ، وأما بعد صلاة الليل فهو من أوهام مالك.

قال البيهقي بعد ذكر الروايتين: (والعدد أولى بالحفظ من الواحد، وقد يحتمل أن يكونا محفوظين، فنقل مالك أحدهما، ونقل الباقون الآخر … ) (٣)، ويحتمل أن يكون المراد بالاضطجاع بعد صلاة الليل في رواية مالك هو نومه صلّى الله عليه وسلّم بين صلاة الليل وصلاة الفجر، الواردة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (٤).


(١) "زاد المعاد" (١/ ٣٢١)، "فيض القدير" (٥/ ١٨٨).
(٢) "صحيح مسلم" (٧٣٦).
(٣) انظر: "السنن الكبرى" (٣/ ٤٤) "زاد المعاد" (١/ ٣٢٠) "فتح الباري" لابن رجب (٩/ ١٢٩)، "فتح الباري" (٣/ ٤٤) "إعلام أهل العصر" ص (٥٦).
(٤) انظر: "التمهيد" (٨/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>