للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورافع بن خديج وأنس بن مالك، وعبد الله بن عمر وأبي هريرة، وابن سيرين وعروة بن الزبير (١).

والقول الثاني: التفصيل بين من يقوم الليل، فيستحب له الاضطجاع، لأنه يحتاج إلى راحة حتى ينشط لصلاة الفجر، دون غيره، وبه جزم ابن العربي (٢)، وهذا الاضطجاع لم يرد فيه إلا الفعل المجرد، بناءً على أن حديث أبي هريرة في الأمر به شاذ، وهذا الفعل تعارض فيه الأصل والظاهر، إذ الأصل عدم التشريع في مثل ذلك، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى القول بالإباحة، منهم مالك وجماعة (٣).

والظاهر أن فعله صلّى الله عليه وسلّم مقصود به التشريع لصلته بالعبادة، ولأن الغالب على أفعاله التشريع، إذ هو مبعوث لبيان الشرعيات، ويقوي هذا الظاهر مواظبة النبي صلّى الله عليه وسلّم على هذه الضجعة إن لم يتحدث مع عائشة رضي الله عنها كما تقدم، كما يقوي ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند من يقول بثبوته.

وفي الاضطجاع أقوال أخرى، والظاهر - والله أعلم - استحباب هذه الضجعة مطلقاً (٤)، وبه قال أكثر أهل العلم، منهم النووي، والصنعاني، وأبو الطيب محمد شمس الحق (٥)، وهي تتأكد في حق من صلى بالليل أكثر من غيره.

والحكمة من كونها على الجنب الأيمن ما قاله العلامة ابن القيم من أن القلب معلق في الجنب الأيسر، فإذا نام الرجل على الجنب الأيسر استثقل نوماً، لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه


(١) "المصنف" (٢/ ٢٤٧ - ٢٤٨) "المحلى" (٣/ ١٩٨).
(٢) "عارضة الأحوذي" (٢/ ٢١٦).
(٣) "المدونة" (١/ ٢١٢).
(٤) شذَّ ابن حزم الظاهري في هذه الضجعة فاعتبرها شرطًا في صحة صلاة الصبح لمن صلى ركعتي الفجر، وقد ردَّ عليه الحافظ العراقي. فانظر: "المحلى" (٣/ ١٩٦) "طرح التثريب" (٣/ ٥٢).
(٥) شرح "صحيح مسلم" (٥/ ٢٦٤ - ٢٦٥)، "سبل السلام" (١/ ٤٢٧) "إعلام أهل العصر" ص (٥٥/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>