للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فإذا خشي أحدكم الصبح) على حذف مضاف، أي: فإذا خاف أحدكم طلوع الصبح، أي: طلوع الفجر.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن صلاة الليل مثنى مثنى، يسلم من كل ركعتين - كما ورد تفسير الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما، في رواية مسلم - ويختمها بركعة واحدة توتر له ما صلى إذا خشي طلوع الفجر، وسيأتي إن شاء الله أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أوتر بخمس وبسبع وبغير ذلك، وقد أخذ العلماء ومنهم مالك بحديث الباب مستدلاً به على تَعَيُّنِ الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل، لأن هذا ظاهر السياق، لحصر المبتدأ في الخبر، فهو في قوة: ما صلاة الليل إلا مثنى مثنى، لكن يرد على ذلك فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم كما سيأتي، وذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن ذلك لا يلزم، وإنما الحديث لبيان الأفضل، لما سيأتي من فعله صلّى الله عليه وسلّم بخلافه، أو يقال: إنه مراد به الإرشاد إلى الأخف، لأن السلام من كل ركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها، لما فيه من الراحة غالباً، وقضاءِ ما يعرض من أمر مهم، ولو كان الوصل لبيان الجواز فقط لما واظب عليه الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقد صح عنه الفصل والوصل.

ويدل بمفهومه على أن صلاة النهار ليست كذلك، وأنه يجوز أن تُصَلَّى أربعاً، كما فعل ابن عمر رضي الله عنهما وهو قول ابي حنيفة وصاحبيه، وإسحاق، وصححه الموفق في «المغني» (١)، واختاره الصنعاني (٢)، وكأنهم قالوا بذلك للاختلاف في ثبوت لفظة: (صلاة الليل «والنهار» مثنى مثنى).

وذهب الجمهور إلى أن صلاة النهار كصلاة الليل مثنى مثنى (٣)، أخذاً بهذه الزيادة، ولأنه أبعد من السهو، وأشبه بصلاة الليل وتطوعات النبي صلّى الله عليه وسلّم، فإن الصحيح في تطوعاته ركعتان، قالوا: وكل حديث ورد فيه ذكر الأربع فالمراد أن يصليها مثنى مثنى.


(١) (٢/ ٥٣٨).
(٢) "طرح التثريب" (٣/ ٧٥)، "الأوسط" (٥/ ٢٣٦)، "سبل السلام" (١/ ٤٣٠).
(٣) "الأوسط" (٣/ ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>