للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليدعُ العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم) وهذا لفظ مسلم، وعزوه لمسلم فقط سهو من الحافظ رحمه الله، والأولى أن يقول: (ولهما عنها)، أو (وفي المتفق عليه) أو نحو ذلك.

وذكر المصنف هذه الأحاديث الثلاثة، لأن الأول فيه الإثبات مطلقاً، والثاني فيه تقييد النفي بغير المجيء من مغيبه، والثالث فيه نفي رؤيتها لصلاة الضحى مطلقاً، وكأن مراده بذلك أن يبحث طالب العلم في تعارض حديثي الإثبات والنفي، فإن ذلك مما اختلفت فيه كلمة أهل العلم، كما سيأتي إن شاء الله.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظها:

قوله: (يصلي الضحى) بضم الضاد مقصورة، ما بعد ارتفاع الشمس إلى قبيل الزوال، والضّحى بالضم والقصر، والضَّحاء: بالفتح، والمد بمعنى واحد، وقيل: الضحى - بالضم ـ: من طلوعها إلى أن يرتفع النهار وتبيض الشمس جداً، ثم بعد ذلك الضَّحاء - بالفتح - إلى قريب من نصف النهار.

قوله: (سبحة الضحى) بضم السين، والمراد، صلاة الضحى، وأصل التسبيح: التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائص، والمراد هنا: صلاة التطوع، وتسمية صلاة التطوع بالسبحة هو الغالب، وذلك من تسمية الشيء باسم بعضه، وخصت النافلة بذلك مع أن الفريضة تشاركها في معنى التسبيح، لأن التسبيحات في الفرائض نوافل، كذا في «النهاية» (١).

الوجه الثالث: في الأحاديث دليل على مشروعية صلاة الضحى، وأنها سنة مؤكدة، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم فعلها، وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء رضي الله عنهم وتقدمت أحاديثهم، والنبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أوصى أحداً بشيء، فهي وصية للأمة كلها، وليس خاصاً بذلك الموصى، وهكذا إذا نهى أو أمر فالحكم


(١) "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>