للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عام، إلا أن يقوم دليل على الخصوصية، وبهذا تكون صلاة الضحى ثبت فيها القول والفعل.

وكونه صلّى الله عليه وسلّم لم يداوم عليها وإنما يفعلها بعض الأحيان لا ينافي سنيتها، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد يفعل الشيء لبيان مشروعيته، وقد يتركه لبيان عدم وجوبه، وقد يترك الشيء وهو يحب أن يفعله لئلا يشق على أمته، ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها: (وإن كان ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم) كما تقدم.

وعلى هذا فالظاهر استحبابها مطلقاً، لما ورد من الأدلة الكثيرة في الترغيب فيها، لا ترك المداومة عليها، كما هو المذهب عند الحنابلة (١)، لأنه صلّى الله عليه وسلّم لم يداوم عليها خشية أن تفرض على الأمة، فيغلب جانب الأدلة التي تدل على فضلها.

وذهب فريق من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من كان عادته قيام الليل فإنه لا يسن له أن يصلي الضحى، ومن لم تكن عادته قيام الليل سن في حقه أن يصلي الضحى (٢).

وذهب فريق ثالث إلى أنها لا تشرع إلا لسبب، كالقدوم من سفر ونحوه، إلى غير ذلك من الأقوال، وقد أوصلها ابن القيم إلى ستة أقوال (٣)، ولخصها الشوكاني (٤).

والقول الأول هو الأظهر، وهو استحبابها مطلقاً، وقد اختار ذلك الشوكاني (٥)، والشيخ عبد العزيز بن باز، فقال: (صلاة الضحى سنة مؤكدة، فعلها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأرشد إليها أصحابه) وقال: (لو صليتها يوماً وتركتها يوماً فلا بأس، ولكن الأفضل المداومة، لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن أحب العمل إلى الله ما دام عليه صاحبه وإن قل») (٦) (٧).


(١) "الإنصاف" (٢/ ١٩١).
(٢) "الفتاوى" (٢٢/ ٢٨٤).
(٣) "زاد المعاد" (١/ ٣٥٢).
(٤) "نيل الأوطار" (٣/ ٧١).
(٥) "نيل الأوطار" (٣/ ٧١).
(٦) "الفتاوى" (١١/ ٣٩٩).
(٧) أخرجه البخاري (٥٩٨٣)، ومسلم (١٩٥٨) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>