للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومما يؤيد سنيتها مطلقاً، حديث أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى» (١).

والسُّلامى: بضم السين، مفرد، جمعه: سُلاميات، وهي مفاصل الأصابع، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله، وقد ثبت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله خلق ابن آدم على ستين وثلاثمائة مفصل» (٢).

فهذا دليل على عِظم فضل صلاة الضحى، وأنها باب عظيم من أبواب شكر الله تعالى على نعمه، ومنها نعمة البدن، وأن هاتين الركعتين تجزيان عن ثلاثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة وجدير بالمداومة.

وعن أبي الدرداء وأبي ذر (٣) رضي الله عنهما عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الله عزّ وجل أنه قال: (ابن آدم اركع لي من أول النهار أربع ركعات أَكْفِكَ آخره) (٤).

الوجه الرابع: اختلف العلماء في الجمع بين حديثي عائشة المذكورين في إثبات صلاة الضحى ونفيها.

فمنهم من سلك مسلك الترجيح، فرجح أحاديث الإثبات عنها وعن غيرها من الصحابة، لأنه اتفق عليها الشيخان على حديث نفيها الذي انفرد به مسلم، ولأن المثبت مقدم على النافي، ومن حفظ حجةٌ على من لم يحفظ، وهذا قول جماعة من أهل العلم، منهم ابن خزيمة (٥)، وابن جرير الطبري، وابن عبد البر، بل إنه بالغ فقال عن حديث النفي: إنه منكر (٦)، مع أنه ثابت في صحيح مسلم، كما تقدم.


(١) أخرجه مسلم (٧٢٠).
(٢) أخرجه مسلم (١٠٠٧) عن عائشة -رضي الله عنها-.
(٣) في "تحفة الأشراف" (٨/ ٢١٩): (أو أبي ذر).
(٤) أخرجه الترمذي (٤٧٥)، وأحمد (٤٥/ ٤٧٣)، وقال الترمذي: (حسن غريب)، والحديث له شواهد.
(٥) "صحيح ابن خزيمة" (٢/ ٢٣٢).
(٦) "التمهيد" (٨/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>