للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: في شرح ألفاظها:

قوله: (صلاة الجماعة أفضل) بلفظ أفعل التفضيل، أي: أكثر وأزيد، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: «تفضُل».

والمراد بالجماعة هنا: قيل: مطلق الجماعة في أي مكان؛ لأن الجماعة وصف عُلِّق عليه الحكم، فيؤخذ به.

والقول الثاني: أن المراد: جماعة المسجد لا جماعة البيوت ونحوها؛ لِمَا وَرَدَ من أوصاف أخرى تختص بالمساجد، كإكثار الخُطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة، ودعاء الملائكة. وعندي أن هذا القول أقرب، ويؤيده ما سيأتي من أن الصلاة في البيوت مِن فِعل المنافقين، فكيف يثبت فيها التفضيل؟

قوله: (صلاة الفذ) أي: المنفرد الذي لم يصلِّ مع الجماعة، وجمعه: فذوذ، وأفذاذ، قال ابن منظور: (فَذَّ الرجل عن أصحابه: إذا شَذَّ عنهم وبقي منفرداً) (١)، وعند مسلم بسياق أوضح: «صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعاً وعشرين».

قوله: (بسبع وعشرين) وفي رواية له: «بخمس وعشرين»، قال الترمذي: (عامة مَن روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما قالوا: خمس وعشرون، إلا ابن عمر فإنه قال: بسبع وعشرين) (٢).

وقد اختلف العلماء في الجمع بينهما على أوجه كثيرة، ذكرها الحافظ، وأقربها أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبر أولاً بالقليل، ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها، ولا يُقال: إن ذلك يحتاج إلى معرفة أن السبع والعشرين هي المتأخرة؛ لأن الظاهر تقديم الخمس على السبع، من جهة أن الفضل من الله تعالى يقبل الزيادة لا النقص، فلا يحتمل أن السبع متقدمة على الخمس.

ومنهم مَن سلك مسلك الترجيح، فرجَّح رواية السبع؛ لأن فيها زيادة من عدل حافظ فتكون مقبولة، والجمع أحسن.


(١) "اللسان" (٣/ ٥٠٢).
(٢) "جامع الترمذي" (١/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>