للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (درجة) أي: مرة، والمعنى أن الرجل إذا صلّى في جماعة كانت صلاته أزيد ثواباً مما إذا صلاَّها وحده بسبع وعشرين مرة.

وقوله في الرواية الأخرى: «جزءاً»، إما أن يكون من تصرف الرواة، أو من باب التفنن في العبارة، وقد جاء في بعضها: «ضِعفاً».

الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل الصلاة في الجماعة، وأنها أكثر ثواباً من الصلاة بغير جماعة سبعاً وعشرين مرة، والقصد من هذا الإخبار: حث الناس وترغيبهم في صلاة الجماعة، طلباً لهذه الزيادة في الثواب.

الوجه الرابع: حديث الباب محمول على المنفرد الذي صلَّى في بيته بدون عذر، وأما مَن صلَّى في بيته لعذر، كمرض ونحوه، ففيه قولان:

الأول: أن أجره تام؛ لأن المعذور يكتب له ثواب عمله كله، فدلَّ على أن المراد بالحديث غير المعذور، وقد ورد في حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كُتِبَ له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً» (١).

القول الثاني: أن المعذور له أجر، ولكن ليس كأجر مَن صلَّى في جماعة، إذ ليس هناك دليل يدل على أن صلاة المنفرد المعذور مثل صلاة الرجل في جماعة، وعلى هذا القول فلا تضعيف في صلاة الفذ مطلقاً، سواء أكان معذوراً أم غير معذور إلا أن المعذور يسقط عنه الإثم، ويكتب له الأجر إذا كان من عادته الصلاة في جماعة ثم مرض ولم يستطع أن يصلي معهم، ولكن أجره ليس كأجر مَن صلَّى مع الجماعة.

وأما مَن لم تكن عادته الصلاة في الجماعة فمرض فصلَّى وحده فهذا لا يكتب له مثل صلاة الصحيح، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية (٢)، والحافظ ابن رجب (٣).


(١) أخرجه البخاري (٢٩٩٦).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٣/ ٢٣٢ - ٢٣٧).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>