للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الخامس: استدل بالحديث مَن قال: إن صلاة الجماعة سُنَّة، وهم أكثر المالكية، ووجه الاستدلال: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم فاضَل بين صلاة الجماعة وصلاة المنفرد، والمفاضلة تقتضي مشاركة المنفرد للجماعة في الفضل وأصل الثواب، ولو كانت الجماعة واجبة لم يجعل الرسول صلّى الله عليه وسلّم للمنفرد أجراً؛ لأنه إما آثم إن كانت الجماعة في حقه واجبة، أو صلاته باطلة إن كانت شرطاً.

وأُجيب عن ذلك: بأن المفاضلة بين صلاة الجماعة وصلاة المنفرد ليس فيها دلالة على عدم الوجوب، وإنما فيها دلالة على أن صلاة المنفرد صحيحة وناقصة الثواب، ثم إن الحديث ما سيق لبيان الوجوب أو عدمه، وإنما سِيق لبيان المفاضلة.

لكن يصح أن يكون الحديث دليلاً على أن الجماعة ليست شرطاً في صحة الصلاة؛ لأن تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفذ يدل على أن في صلاة الفذ فضلاً، وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت صحيحة.

الوجه السادس: الحديث دليل على أن أقل الجماعة اثنان؛ إمام ومأموم؛ لأنه جعل هذا الفضل لغير الفذ، فدلَّ على أن ما زاد على الفذ فهو جماعة، وقد دلَّ على ذلك حديث مالك بن الحويرث، وفيه: «إذا حضرت الصلاة فأذِّنا وأقيما، ثم ليؤمكما أكبركما»، وتقدم في باب «الأذان»، وقد بوَّب عليه البخاري بقوله: بابٌ «اثنان فما فوقهما جماعة» (١). والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>