للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه السابع: استدل بهذا الحديث من أجاز التعزير بالمال، كأن يُغَرَّمَ شخص مبلغاً من المال أو يتلف شيء من ماله، وذلك لأن تحريق بيوت المتخلفين عن الصلاة من العقوبة المالية، وهذا قول ابن تيمية (١)، وتلميذه ابن القيم (٢)، ونُقل عن إسحاق، وأبي يوسف تلميذ أبي حنيفة، وبه قال ابن فرحون من المالكية (٣)، وقد انتصر له ابن القيم، وذكر أنه ورد فيه قضايا عديدة، كأمره صلّى الله عليه وسلّم بتحريق الثوب المعصفر بالنار، وأمره بتحريق متاع الغال، وإضعاف الغُرم على من سرق ما لا قطع فيه من الثمر، وفعله الخلفاء الراشدون، فحرق عمر وعلي رضي الله عنهما بيت خمَّار، وغير ذلك مما يدل على بقاء هذا الحكم.

وقد رجح هذا القول ابن رجب (٤)، والشيخ عبد العزيز بن باز (٥).

وذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنه لا يجوز التعزير بالمال (٦)؛ لأن في ذلك مخالفة للنصوص الدالة على حرمة مال المسلم وعدم جواز أخذه بغير حق، وقد كانت العقوبة المالية في أول الإسلام ثم نسخت، لكن رد ابن رجب دعوى النسخ، وقال: إنها لا تصح، والشريعة طافحة بجواز ذلك …

أما نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن التحريق بالنار (٧)، فإنما أراد به تحريق النفوس وذوات الأرواح، وأما حديث الباب فمراد به تحريق دار المتخلف عن الصلاة ومتاعه، فإن أتى على نفسه لم يكن بالقصد بل تبعاً.

الوجه الثامن: الحديث دليل على أن الأمر بإقامة الصلاة موكول إلى الإمام، لقوله: «ثم آمر بالصلاة فتقام»، فإذا كان الإمام حاضراً أو قريباً من المسجد فهو أحق بالأمر بإقامة الصلاة، وعليه فلينتبه أولئك الذين يوجدون في


(١) "الفتاوى" (٢٨/ ١١٣ - ١١٨).
(٢) "الطرق الحكمية" ص (٢٧٣).
(٣) "شرح فتح القدير" (٥/ ٣٤٥)، "تبصرة الحكام" لابن فرحون (٢/ ٢٩٧).
(٤) "فتح الباري" (٥/ ٤٦٠).
(٥) "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٣٠).
(٦) "شرح فتح القدير" (٥/ ٣٤٥)، "حاشية الدسوقي" (٤/ ٣٥٥)، "السنن الكبرى" للبيهقي (٨/ ٢٧٩)، "المغني" (١٢/ ٥٢٦).
(٧) أخرجه البخاري (١٢/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>