للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فريصة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف، تهتز عند الفزع والخوف، والكلام كناية عن الفزع.

قوله: (صلينا في رحالنا) لأن ذلك كان بمنى، وفيها يتفرق الناس، ولذا لم ينكر عليهما الرسول صلّى الله عليه وسلّم صلاتهما في رحالهما.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من دخل مسجداً فوجدهم يصلون، وهو قد صلَّى، أنه يشرع له أن يصلي معهم، إدراكاً لفضل الجماعة، وتكون هذه الصلاة له نافلة، وظاهر الأمر في قوله: «فصليا» أنه أمر إيجاب، وهو رواية عن الإمام أحمد (١)، وقد أجمع العلماء على استحباب الإعادة، وإنما الخلاف بينهم في الوجوب، ومنهم من يفرق بين من صلّى منفرداً فالإعادة في حقه واجبة، وبين من صلى في جماعة ثم أدرك أخرى فتستحب (٢)، والأحوط للمكلف أن يمتثل ما أمره به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فيصلي إذا دخل مسجداً والناس يصلون.

وهذه الإعادة سببها حضور الجماعة، ولا فرق بين أن يصلي الأولى وحده، أو يصلي مع جماعة، لعموم الحديث، ولتحصيل الأجر إذا صلى مرة أخرى، ولئلا يكون حضوره والناس يصلون ذريعة إلى إساءة الظن به، والوقوع في عرضه، ولئلا يتعلق بذلك من يتكاسل، ويقول: صليت، وهو لم يصلِّ، مع ما في ذلك من مراعاة فضل الإلفة، ولزوم الجماعات، وترك الخلاف، وافتراق الكلمة (٣).

الوجه الخامس: ظاهر الحديث دليل على أن الإعادة جائزة في جميع الصلوات كالصبح والعصر، ولو كان الوقت بعدهما وقت نهي؛ لأن الصلاة المعادة من ذوات الأسباب، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أطلق الأمر بإعادة الصلاة ولم يفرق بين صلاة وصلاة، وقد أمر الرجلين بإعادة الصبح مع الجماعة مع أنه وقت نهي بالنسبة لهما، ونسب ابن تيمية هذا القول إلى الجمهور (٤).


(١) "الإنصاف" (٢/ ٢١٨).
(٢) انظر: "التمهيد" (٤/ ٢٥٢).
(٣) انظر: "إكمال المعلم" (٢/ ٦١٤).
(٤) "الفتاوى" (٢٣/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>