للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه السادس: دل الحديث بعمومه على أنه لا فرق في إعادة الصلاة بين المغرب وغيرها، وهذا قول الجمهور، ومنهم أكثر الصحابة والتابعين، وهو مذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وداود ومالك في رواية عنه (١)، خلافاً لمن منع إعادة المغرب، لئلا تصير شفعاً: لأنها وتر النهار، فلو أعادها صارت شفعاً، فبطل كونها وتراً، وهذا قول ابن عمر وابن مسعود وبعض التابعين وأبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد (٢).

والصواب الأول؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يستثن صلاة من صلاة، ولأنها لا تصير شفعاً وقد فصل بين الصلاتين بالسلام والمشي وغير ذلك، قال ابن رشد: (والتمسك بالعموم أقوى) (٣).

ثم إن المشهور من مذهب الحنابلة أنه إذا أعاد المغرب شفعها برابعة (٤)؛ لأن هذه الصلاة نافلة، ولا يشرع التنفل بوتر غير الوتر، فكان زيادة ركعة أولى من نقصانها، لئلا يفارق إمامه قبل إتمام صلاته.

والقول الثاني: أنها تعاد على صفتها ولا تشفع بركعة، وهو قول الشافعي (٥)؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر بالإعادة أمراً عامّاً ولم يستثن صلاة من صلاة، فدل على أن المغرب تعاد على صفتها، والله أعلم.

الوجه السابع: دل قوله: «ثم أتيتما مسجد جماعة» على أن الإعادة مختصة بالجماعة التي تقام في المسجد، لا التي قد تقام في غيره، فمن حضر جماعة يصلون في منزل أو مُسْتَراحاً ونحوهما لعذر وكان هو قد صلّى لم يصلِّ معهم، ويحمل المطلق الوارد في بعض الروايات على هذا المقيد، والله تعالى أعلم.


(١) "المجموع" (٤/ ١٠٩)، "المغني" (٢/ ٥٢١)، "المحلى" (٢/ ٣٥٦).
(٢) "الموطأ" (١/ ١٣٣)، "الاستذكار" (٥/ ٣٥٩)، "الإنصاف" (٢/ ٢١٨).
(٣) "بداية المجتهد" (١/ ١٧٩).
(٤) "المغني" (٢/ ٥٢١).
(٥) "المجموع" (٤/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>