للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويرى الإمام أحمد رحمه الله بطلان صلاة من سبق إمامه مطلقاً، سواء كان عامداً أم ساهياً أم جاهلاً، لعموم الأدلة (١).

وأما الأمر الثاني فهو الموافقة والمقارنة، ومعناها أن يأتي بالأفعال مع إمامه فيكبر معه، ويركع معه، فإن كانت في تكبيرة الإحرام بأن كبر مع إمامه لم تنعقد صلاته؛ لأنه ائتم بمن لم تنعقد صلاته، وإن قارنه في غيرها؛ كركوع أو سجود، فهي مكروهة.

وأما الأمر الثالث فهو التخلف والتأخر عنه، فإن كان لعذر؛ كسهو أو غفلة، فإنه يأتي بما تخلَّف به ويتابع الإمام، إلا أن يصل الإمام إلى المكان الذي هو فيه فإنه لا يأتي بما فاته، وإنما يستمر مع الإمام وتلغو هذه الركعة التي تخلف فيها، وتَحِلُّ التي بعدها محلها، ويقضيها بعد سلام إمامه، وإن كان التخلف لغير عذر فصلاته باطلة.

الوجه الرابع: اختلف العلماء في تفسير معنى الاقتداء على قولين:

الأول: أن المراد به الاقتداء به في الأفعال الظاهرة لا في النيات، وهذا قول الشافعي، ورواية عن أحمد، وهو قول الظاهرية (٢)، واستدلوا بسياق الحديث، ووجود مسائل دلت عليها النصوص اختلفت فيها نية الإمام عن المأموم، قالوا: إنما أمرنا أن نأتم بالإمام فيما يظهر لنا من أفعاله، فأما النية فمغيَّبة عنا، ومحال أن نؤمر باتباعه فيما يخفى من أفعاله علينا.

الثاني: أن المراد به الاقتداء به في الأفعال الظاهرة وفي النيات، وهذا قول مالك، وأبي حنيفة، والمشهور من مذهب أحمد (٣)، قالوا: من خالفت نيته نية الإمام فإنه لم يأتم به، إذ لا اختلاف أشد من اختلاف النيات التي


(١) "رسالة الصلاة" ص (١٤٨)، وفي صحة نسبتها للإمام أحمد نظر.
(٢) "الاستذكار" (٥/ ٣٨٨)، "مغني المحتاج" (١/ ٢٥٣)، "المغني" (٣/ ٦٧)، "المحلى" (٤/ ٢٢٣).
(٣) "الاستذكار" (٥/ ٣٨٦)، "فتح القدير" (١/ ٢٦١)، "المغني" (٣/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>