للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١]، و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}» [الليل: ١].

وأخرجاه من طرق، عن عمرو بن دينار، عن جابر، وبعض روايات البخاري مختصرة، وجاء في بعض رواياته أنه كان يصلي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم العشاء ثم يرجع فيصلي بقومه.

الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث - في بعض رواياته - من قال بجواز اقتداء المفترض بالمتنفل، وقد حكى ابن المنذر هذا القول عن عطاء وطاووس والأوزاعي (١)، وهو قول الشافعي وأصحابه، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها ابن قدامة (٢)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (٣).

وذلك أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم يرجع فيؤم قومه - كما ثبت في «الصحيحين» - والرسول صلّى الله عليه وسلّم قد اطلع على ذلك ولم ينكر عليه، فإنه صلّى الله عليه وسلّم يعلم الأئمة الذين كانوا يصلون في مساجد المدينة، وعلى فرض أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يعلم بذلك فإن الزمن زمن وحي، ولا يقع فيه التقرير على ما لا يجوز، ولهذا استدل أبو سعيد وجابر رضي الله عنهما على جواز العزل بكونهم فعلوه في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولو كان منهيّاً عنه لنُهي عنه في القرآن (٤).

وذهب آخرون إلى أن ذلك لا يجوز، حكاه ابن المنذر عن بعض السلف، وذكره عبد الرزاق في «مصنفه» عنهم، وهو قول الحنفية، والمالكية، وأحمد في المشهور عنه، واختار ذلك أكثر أصحابه (٥).

واستدلوا بحديث أبي هريرة المتقدم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه … »، قالوا: فنهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الاختلاف على الإمام، وكون الإمام متنفلاً والمأموم مفترضاً اختلاف، فلا يجوز.


(١) "الأوسط" (٤/ ٢١٩).
(٢) "المغني" (٣/ ٦٧)، "المجموع" (٤/ ١٥٢)، "نهاية المحتاج" (٢/ ٢٠٦).
(٣) "الفتاوى" (٢٣/ ٣٨٩).
(٤) سيأتي الكلام على ذلك في كتاب "النكاح" إن شاء الله تعالى.
(٥) "مصنف عبد الرزاق" (٢/ ٨)، "الأوسط" (٤/ ٢١٩)، "الهداية" (١/ ٣٢٣، ٣٢٥)، "مختصر خليل" ص (٣٣)، "المغني" (٣/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>