للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما استدلوا بحديث عائشة الآتي، حيث أشار إليهم في أثناء الصلاة بالجلوس، فدل على أنه لا بد منه.

القول الثالث: أنه إذا ابتدأ الإمام الصلاة قاعداً صلَّى من خلفه قعوداً، وإذا ابتدأ الإمام الصلاة قائماً، ثم عجز في أثناء الصلاة عن القيام صلَّى من خلفه قياماً، وهذا التفصيل قال به الإمام أحمد وبعض الشافعية (١)، واستدلوا على الجزء الأول بحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: صلَّى النبي صلّى الله عليه وسلّم في بيته وهو شَاكٍ فصلَّى جالساً، وصلَّى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: «إنما جُعِلَ الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلَّى جالساً فصلوا جلوساً» (٢)، وتقدم أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه: «وإذا صلَّى قاعداً فصلُّوا قعوداً أجمعين».

واستدلوا على الجزء الثاني بهذا الحديث، فإن أبا بكر رضي الله عنه ابتدأ بهم الصلاة قائماً، ثم جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فصلى بهم من حيث انتهى أبو بكر فصلى قاعداً، والصحابة صلوا خلفه قياماً، فدل ذلك على أن الإمام إذا ابتدأ الصلاة قائماً ثم عجز عن القيام بعد ذلك صلَّى من خلفه قياماً.

وهذا القول هو الأظهر؛ لأن فيه جمعاً بين الأدلة وعملاً بها، ولا يعدل إلى النسخ مع إمكان الجمع.

وأما حديث الشعبي فقد قال عنه الدارقطني: (لم يروه غير جابر الجعفي عن الشعبي، وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة) (٣).

الوجه الثالث: الحديث دليل على جواز كون المبلِّغ عن الإمام عن يمينه، لا في الصف، إذا كان فيه مصلحة، ليراه الناس، أو لأنه أبلغ لصوته، أو لفوائد أخرى، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "المغني" (٢/ ٦٠)، "فتح الباري" (٢/ ١٧٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٨)، ومسلم (٤١٢).
(٣) انظر: "الاستذكار" (٥/ ٤٠٠)، "فتح الباري" (٢/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>