للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والسقيم»، فيفسَّر الضعيف هنا بضعيف الخلقة لهزال أو كبر أو صغر أو مرض، لأن الضعف خلاف القوة، والسقيم: المريض، فيكون من باب عطف الخاص على العام، لأن الضعف أعمُّ من السقم، فقد يكون الإنسان قليل القوة من أصل الخلقة، لا من سقم عرض له (١).

قوله: (وذا الحاجة) أي: صاحب الحاجة، وهو المحتاج للتخفيف لحاجة له، والغالب أنها أمور الدنيا، كما في قصة الرجل.

قوله: (فليصل كيف شاء) اللام للأمر، والمراد الإباحة، لقوله: «كيف شاء».

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الإمام مأمور بأن يخفف الصلاة بالناس مراعاة لذوي الأعذار، وذلك لئلا يشق على من وراءه، فإن وراءه ضعيف البنية والمريض وصاحب الحاجة، فالتطويل في حق هؤلاء وأمثالهم يؤدي إلى المشقة والملل والسأم، وهذا أمر ينبغي للإمام مراعاته، فقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «لا تُبَغِّضِوا الله إلى عباده، يكون أحدكم إماماً فيطول على القوم الصلاة حتى يبغض إليهم ما هم فيه» (٢).

قال ابن عبد البر: (لا أعلم بين أهل العلم خلافاً في استحباب التخفيف لكل من أمَّ قوماً، على ما شرطنا من الإتيان بأقل ما يجزئ، والفريضة والنافلة عند جميعهم سواء في استحباب التخفيف فيما إذا صليت جماعة بإمام، إلا ما جاء في صلاة الكسوف على سنتها … ).

ومن هنا يتبين أن التخفيف فيه مصالح منها:

١ - الرفق بمن وراء الإمام.

٢ - تأليف الناس وتحبيب الصلاة إليهم.

٣ - دعوتهم إلى المواظبة على صلاة الجماعة.


(١) انظر: "طرح التثريب" (٢/ ٣٥١).
(٢) أخرجه البيهقي في "الشعب" (١٤/ ٢٩٢ - ٢٩٣) بإسناد صحيح، كما قال الحافظ في "فتح الباري" (٢/ ١٩٥)، وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (١٩/ ١١ - ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>