للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ـ إن شاء الله - وهو الذي يدل عليه هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم في صلاته، لكن على الإمام مراعاة أمور دلت عليها السنة منها:

الأول: أن التخفيف المأمور به هو الذي لا يصل إلى حد الإخلال بمقاصد الصلاة وأركانها وسننها، أو إلى سرعة تشق على من خلفه من كبار السن وغيرهم في أثناء القيام أو الركوع أو السجود.

الثاني: أن الصلوات ليست على قدر واحد في القراءة والقيام وبقية الأفعال؛ لأن منها ما يشرع فيه التطويل كالفجر، ومنها ما هو دون ذلك، والإمام الموفق هو الذي يضع الأمور مواضعها، فيطول أحياناً تطويلاً لا يخرج إلى حد التنفير، ويخفف أحياناً تخفيفاً لا يخرج إلى حد الإخلال، كما تقدم، ويُغَلِّبُ جانب التخفيف على جانب التطويل.

الثالث: لا بد للإمام من أن يقيم وزناً للأمور الطارئة، فيخفف الصلاة فيها؛ كشدة حر أو برد عارض، كما خفف النبي صلّى الله عليه وسلّم لبكاء الصبي.

الرابع: إذا كان الجماعة محصورين وآثروا التطويل فلا بأس، لانتفاء العلة الموجبة للتخفيف، وقد دل على ذلك حديث أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوَّز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه» (١)، فإرادته صلّى الله عليه وسلّم التطويل أولاً يدل على جواز مثل ذلك، لكنه تركه لعارض.

الخامس: أنه يجب على الإمام أن يتحرَّى الرفق بالمأمومين، وجمع كلمتهم على محبته، والرضا عنه، وعدم اختلافهم عليه؛ لأن اختلافهم عليه يسبب مفاسد عظيمة وأموراً لا تحمد.

الوجه الخامس: الحديث دليل على أن الإنسان إذا صلى وحده فله أن يطيل ما شاء؛ لأنه لا يشق على أحد بذلك، ما لم يخرج الوقت، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (٧٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>