للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذا، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدَّموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة كنت إذا سجدت تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطون عنا استَ قارئكم، فاشتروا لي قميصاً، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص) وهذا لفظ البخاري.

وأخرجه النسائي (٢/ ٨٠) من طريق زائدة، عن سفيان، عن أيوب، قال: حدثني عمرو بن سلمة … بنحوه.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه يقدم في الإمامة من كان أكثر حفظاً للقرآن؛ لقوله: «وليؤمكم أكثركم قرآناً»، وعلى هذا فيكون الحديث مفسراً للحديث الآتي: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»، ويكون المراد بالأقرأ: الأكثر قرآناً، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله.

الوجه الرابع: الحديث دليل على صحة إمامة الصبي في صلاة الفرض إذا كان أهلاً لذلك بقراءته وعلمه وتميزه، فيؤم غيره وإن كانوا كباراً وإن كانوا شيوخاً؛ لأن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم قدموا عمرو بن سلمة وعمره ست أو سبع سنين ولو كانت إمامته غير جائزة لنزل الوحي بإنكار ذلك، لا سيما في الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام، وهذا قول الشافعي ورواية عن الإمام أحمد (١).

والقول الثاني: أن إمامته لا تصح، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو قول ابن حزم الظاهري (٢)، واستدلوا بحديث أبي هريرة المتقدم بلفظ البخاري: «إنما جُعِلَ الإمام ليؤتمَّ به فلا تختلفوا عليه … » قالوا: وصلاة الصبي نفل، فصلاة البالغ خلفه الفرض اختلاف على الإمام،


(١) "المجموع" (٤/ ٢٤٨)، "الإنصاف" (٢/ ٢٦٦).
(٢) "المحلى" (٤/ ٢١٧)، "فتح القدير" (١/ ٣٠٩)، "بداية المجتهد" (١/ ٣٥٢)، "المغني" (٢/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>