للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نهينا عنه، ولأن الشرع قد رَفَعَ عنه القلم، ولا تصح الصلاة خلف من رُفِعَ القلم عنه؛ كالمجنون.

ولهم أدلة أخرى غير ناهضة، وأجابوا عن حديث عمرو بن سلمة بأنه لم يرو أن إمامته لهم كانت عن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا عن تقريره، فلا حجة فيها (١).

والراجح هو القول الأول، لقوة دليله، وإذا جازت إمامته في الفرض جازت إمامته في النفل من باب أولى؛ لأن النفل يدخله التسامح، ولأنه لا فرق في ذلك بين النفل والفرض، والأصل تساويهما في الأحكام، خلا ما استثنى الدليل.

وأما جواب أصحاب القول الثاني عن حديث الباب فهو مردود من وجهين:

الأول: أن دليل الجواز وقوع ذلك في زمن الوحي، ولا يقع فيه التقرير على ما لا يجوز، لا سيما في الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام، وقد نُبِّهَ النبي صلّى الله عليه وسلّم بالوحي على القذى الذي كان في نعله أثناء الصلاة - كما تقدم في شروط الصلاة في حديث أبي سعيد رضي الله عنه - فلو كانت إمامة الصبي لا تصح لنزل الوحي بذلك، وقد استدل جابررضي الله عنه على جواز العزل بأنه لم ينزل فيه شيء (٢).

الثاني: أن الوفد الذين قَدَّموا عمراً كانوا جماعة من الصحابة، قال ابن حزم: (ولا يعرف لهم من الصحابة رضي الله عنهم مخالف) (٣)، بل ورد أنه كان يؤمهم في كل المجامع، فقد روى عنه أبو داود أنه قال: (فما شهدت مجمعاً من جَرْمٍ إلا كنت إمامهم … ) (٤).

وأما أدلتهم فإن حديث أبي هريرة رضي الله عنه تقدم أن المراد به الاختلاف في


(١) انظر: "المحلى" (٤/ ٢١٨).
(٢) سيأتي شرح هذا الحديث في كتاب "النكاح" إن شاء الله تعالى.
(٣) "المحلى" (٤/ ٢١٨).
(٤) "السنن" (٥٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>