للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (فأعلمهم بالسنة) أي: أحكام الشريعة من صلاة وصيام وحج، ونحو ذلك.

قوله: (فأقدمهم هجرة) الهجرة معناها: الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى قيام الساعة، والمعنى: أن من هاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أولاً يقدم على من هاجر بعده؛ لأنه أكثر منه علماً.

قوله: (فأقدمهم سِلماً) - بكسر السين المهملة وسكون اللام ـ، أي: إسلاماً، وأما رواية «سنّاً» فلا تعارض الأولى، بل إحداهما تفسر الأخرى؛ لأن من كان أكبر سنّاً فهو مقدم سلماً؛ لأن المقصود أكبرهم سنّاً في الإسلام.

قوله: (في سلطانه) المراد به: محل ولايته، سواء كانت ولاية عامة، أي: الولاية العظمى، أو ولاية خاصة؛ كصاحب البيت.

قوله: (تكرمته) بفتح التاء وسكون الكاف وكسر الراء، المراد به: الفراش ونحوه مما يوضع لصاحب المنزل ويختص به، والغالب أن ذلك يكون في صدر المجلس كما هو الملاحظ الآن.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المقدَّم في إمامة الصلاة هو الأقرأ، بمعنى الأكثر حفظاً لكتاب الله تعالى - كما تقدم - لكن لا بد أن يكون عالماً بأحكام صلاته؛ إذ ليس للجاهل بأحكام الصلاة أن يؤم الناس، قال الحافظ ابن حجر: (ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفاً بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة، فأما إذا كان جاهلاً بذلك فلا يقدم اتفاقاً، والسبب فيه أن أهل ذلك العصر كانوا يعرفون معاني القرآن، لكونهم أهل اللسان، فالأقرأ منهم بل القارئ كان أفقه في الدين من كثير من الفقهاء الذين جاؤوا بعدهم) (١).

فهذا بالنسبة لمن بعد الصحابة رضي الله عنهم، أما الصحابة رضي الله عنهم فقد جمعوا بين القراءة والعلم، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى


(١) "فتح الباري" (٢/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>