للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نعرف أمرها ونهيها وأحكامها) (١)، وقال رضي الله عنه: (من أراد العلم فليقرأ القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين) (٢).

والغالب أن من كان أكثر قرآناً كان أكثر علماً بالأحكام الشرعية، كما أن الغالب عليهم أنهم كانوا يعتنون بالجَودة ويعتنون بالكثرة، ومن الأدلة على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العَُصْبة - موضع بقباء - قبل مقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآناً) (٣).

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الأئمة إذا تساووا في القراءة فإنه يقدم أعلمهم بالسنة، وهو أفقههم في دين الله تعالى، فإن تساووا يقدم أقدمهم هجرة إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم في زمنه، أو أقدمهم هجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام بعد زمن الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن المتقدم أسبق إلى الخير وأقرب إلى معرفة الشرع ممن تأخر، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاماً وهو أكبرهم سناً، كما جاء في الرواية الأخرى، فإن من كان أكبر سناً فهو أقدم إسلاماً.

وهذا الترتيب من محاسن الشريعة وكمالاتها، حيث راعت هذه الأمور وجعلت الناس مراتب بحسب علمهم.

الوجه الخامس: الحديث دليل على أن الإمام الأعظم أو الوالي من قِبَلِهِ أحق بالإمامة من غيره من المذكورين، فإذا حضر في محل ولايته قدم على جميع الحاضرين حتى صاحب البيت وإمام المسجد، إلا إذا أذن، فيقدم من يصلح للإمامة.


(١) هذا الأثر ذكره ابن قدامة في "المغني" (٣/ ١٣) ولم أقف عليه عند غيره، ولعله المذكور في "تفسير ابن جرير" (١/ ٨٠) فقد ذكر بسنده عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كان الرجل منا إذا تعلَّم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن، والعمل بهن) قال الحاكم (١/ ٥٥٧): "صحيح الإسناد".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٠/ ٤٨٥).
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>