للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأول: أنها سنة مؤكدة تقارب الواجب، وهذا قول الجمهور من السلف والخلف، واستدلوا بما تقدم من قوله: «فإن تسوية الصف من تمام الصلاة» أي: كمالها، وفوات الكمال لا يستلزم البطلان.

القول الثاني: أن تسوية الصفوف واجبة، وهو قول ابن حزم الظاهري (١)، وظاهر كلام ابن تيمية (٢)، وهو اختيار الصنعاني (٣).

واستدلوا بما تقدم من قوله: «فإن تسوية الصف من إقامة الصلاة»، قال ابن حزم: (تسوية الصف إذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض؛ لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض) (٤)، والقول بالوجوب هو الذي فهمه الحافظ ابن حجر من تبويب البخاري: «باب إثم من لا يتم الصفوف» حيث قال: (يحتمل أن يكون أخذ الوجوب من صيغة الأمر في قوله: «سووا صفوفكم»، ومن عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ومن ورود الوعيد على تركه … ) (٥).

ثم إن الوعيد في حديث النعمان المتقدم يدل على الوجوب؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم توعّد على ترك التسوية بأن يخالف الله بين قلوبهم، فتختلف وجهات نظرهم، ويحصل التفرق والاختلاف؛ لأن الجزاء من جنس العمل، ومعلوم أن مثل هذا الوعيد لا يكون إلا على ترك واجب.

الوجه الرابع: تتحقق تسوية الصفوف بأمور ثلاثة مستفادة من عموم الأدلة في هذا الباب، وهي كما يلي:

١ - إتمام الصف الأول فالأول، وسد الفرج بالتراص.

٢ - استقامة الصف وتعديله بالمحاذاة والمساواة بين الأعناق والمناكب والأكعب، بحيث لا يتقدم عنق على عنق، ولا كعب على كعب، والكعب هو العظم الناتئ في مؤخر القدم.


(١) "المحلى" (٤/ ٥٢).
(٢) "الفتاوى" (٣٢/ ٣٩٤).
(٣) "سبل السلام" (٣/ ١٠١).
(٤) "المحلى" (٤/ ٥٥).
(٥) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>