للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما التسوية بالنظر إلى رؤوس أصابع القدمين فهذا لا أصل له؛ لأن الإنسان إنما يستقيم مع من بجانبه إذا ساوى منكبه منكبه، وكعبه كعبه، فتستوي بقية أجزاء البدن، أما المساواة بأطراف الأصابع فلا تمكن، لاختلاف الأقدام طولاً وقصراً.

٣ - التقارب بين الصفوف، وبين الصف الأول والإمام، ولم يرد في السنة تحديد لذلك، ولعل المراد - والله أعلم - أن يجعل بين كل صف وما يليه مقدار ما يمكن فيه السجود براحة وطمأنينة.

وأما إلزاق القدم بالقدم - كما يفعله بعض الناس - فهذا فيه أذية للآخرين، وفيه اشتغال وإشغال، اشتغال بما لم يُشرع، وإكثار من الحركة، واهتمام بعد القيام من السجود لملء الفراغ، وفيه إشغال للجار بملاحقة قدمه، كما أن فيه توسيعاً للفُرج، ويظهر ذلك إذا هوى المأموم للسجود، كما أن فيه اقتطاعاً لمحل قدم غيره بغير حق (١).

ولا دليل على ذلك في قول أنس رضي الله عنه المتقدم: (وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه)، وقول النعمان بن بشير رضي الله عنه: (فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه) (٢)؛ لأن المراد بذلك - كما يقول الحافظ (٣) ـ المبالغة في تعديل الصف وسد الخلل والتراص، بدليل أن إلزاق الركبة بالركبة مستحيل، وإلزاق الكتف بالكتف فيه تكلف، وإلزاق الكعب بالكعب كذلك، والله تعالى أعلم.


(١) انظر كتابي: "أحكام حضور المساجد" ص (١٣٦)، ط. الثالثة.
(٢) علَّقه البخاري (٢/ ٢١١ "فتح").
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>