للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الصف الأول مزايا عظيمة ينبغي للمسلم أن يهتم بها ويحرص عليها، ومن ذلك المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق إلى دخول المسجد، والقرب من الإمام، واستماع قراءته، والتعلم منه - ولا سيما إذا كان فقيهاً ـ، والفتح عليه، والسلامة من اختراق المارة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكون قدامه، وسلامة موضع سجوده من أذيال المصلين، إلى غير ذلك من المصالح (١).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن شر صفوف الرجال آخرها، فهي أقلها ثواباً، لبعدها عن الإمام، ولترك الفضيلة الحاصلة بالتقدم إلى الصف الأول، ولقربها من النساء، ويغلب على أهل الصفوف المتأخرة الكسل والتهاون في أداء الصلاة، كما يغلب عليهم فوات الصلاة أو شيء منها، فيكون طمع الشيطان فيهم أكثر.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن أفضل صفوف النساء وأكثرها ثواباً آخرها؛ لبعدها عن الرجال، لئلا يحصل الاختلاط إذا كثرت الصفوف، ولئلا تسمع النساء كلام الرجال أو ترى حركاتهم، فيتعلق القلب بهم وتحصل الفتنة، ولأن مرتبتهن متأخرة عن مرتبة الرجال، فيكون آخر الصفوف أليق بهن، وأقل صفوف النساء ثواباً أولها؛ لقربهن من الرجال.

وظاهر الحديث أن التفضيل في حق صفوف النساء مطلق، سواء صلين مع الرجال في مكان واحد، أو صلين في مكان منفرد، كما هو الحال الآن، فخير صفوفهن آخرهن على الإطلاق.

وقال آخرون: إن الحديث ليس على إطلاقه، وإنما هو حيث يكن مع الرجال كما عليه الحال قديماً، وأما إذا صلين منفردات في مكان خاص فهن كالرجال، خير صفوفهن أولها، وشرها آخرها، وهؤلاء نظروا إلى علة الحكم، كما تقدم، فقالوا: إن العلة لا تتم إلا إذا كانت صلاتهن مع الرجال،


(١) "فتح الباري" (٢/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>