للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا وقف عن يمينه فإنه يقف مساوياً لإمامه فلا يتأخر عنه، كما يفعله بعض الناس؛ لأن قول ابن عباس: (وقفت إلى جنبه) ظاهره أنه مساوٍ له، وهو الذي فهمه البخاري (١)، ومشى عليه الشراح؛ كابن رجب وابن حجر، وفي رواية عند أحمد (٢): «ما شأني أجعلك حذائي فَتَخْنِسُ؟ … »، وفي حديث عائشة في صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم بالصحابة في مرض موته: (فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حذاء أبي بكر، إلى جنبه) (٣).

فإن وقف المأموم عن يسار الإمام ركعة فأكثر، فقد اختلف العلماء في صحة صلاته على قولين:

الأول: لا تصح صلاته، وهذا هو المشهور عن الإمام أحمد، وعليه جماهير أصحابه (٤)، واستدلوا بما تقدم، قالوا: فلو كانت الصلاة صحيحة لأقر النبي صلّى الله عليه وسلّم ابن عباس وجابراً رضي الله عنهما على موقفهما، فيحمل على الوجوب، لا سيما وأنه يلزم منه المشي والعمل لغير حاجة، ومثل هذا لا يرتكب لمخالفة فضيلة.

القول الثاني: أن صلاته صحيحة مع الكراهة، وكون المأموم الواحد عن يمين الإمام إنما هو على سبيل الأفضلية، لا على سبيل الوجوب، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والشافعية ورواية الإمام أحمد (٥)، قال صاحب «الفروع»: (هي أظهر) (٦)، وقال صاحب «الإنصاف»: (وهو الصواب) (٧)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( … وحيث صحت الصلاة عن يسار الإمام كرهت إلا لعذر … ) (٨).

قالوا: لأن النهي إنما ورد عن الفذية، وأما إدارة النبي صلّى الله عليه وسلّم لابن عباس


(١) انظر: "فتح الباري" (٢/ ١٩٠).
(٢) "المسند" (٥/ ١٧٨) وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٣) تقدم تخريجه عند الحديث (٤٠٩).
(٤) "الإنصاف" (٢/ ٢٨٢).
(٥) "بدائع الصنائع" (١/ ١٥٩)، "الشرح الصغير" (١/ ١٦٤)، "المجموع" (٤/ ٢٩٣).
(٦) "الفروع" (٢/ ٣٠).
(٧) "الإنصاف" (٢/ ٢٨٢).
(٨) "الاختيارات" ص (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>