للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أجيب عن ذلك بأجوبة منها:

١ - أن هذا منسوخ؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه ذكر التطبيق، وقد نسخ بالمدينة، وحديث جابر وجبار رضي الله عنهما بالمدينة؛ لأن جابراً إنما شهد المشاهد بعد بدر، وحديث أنس الذي معنا بالمدينة - أيضاً ـ، ذكر ذلك الحازمي (١)، فيكون الناسخ قد خفي على ابن مسعود رضي الله عنه، وليس ببعيد، فإنه لم يكن من عادة النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا إمامة الجمع الكثير، أما إمامة اثنين فهذه نادرة، ولعل ابن مسعود لم يطلع عليه، فبقي على مقتضى علمه الأول.

٢ - أن فعل ابن مسعود رضي الله عنه كان لضيق المكان، ذكر ذلك الطحاوي عن محمد بن سيرين (٢).

٣ - أن فعل ابن مسعود محمول على الجواز، وما تقدم يدل على الأفضل (٣).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن المرأة لا تقف مع الرجال، بل تكون خلفهم، قال ابن رشد: (لا خلاف في أن المرأة الواحدة تصلي خلف الإمام، وأنها إن كانت مع الرجل صلى الرجل إلى جانب الإمام والمرأة خلفه) (٤).

ولا فرق في ذلك بين أن تكون المرأة من محارم الرجل كزوجته، أو ليست من محارمه إذا لم يكن خلوة، فإذا صلى الرجل بزوجته - مثلاً - فإنها تقف خلفه، لعموم الأدلة، فإن خالفت ووقفت في صف الرجل فصلاتها صحيحة، ولا تُبطل على أحد صلاته، على الأظهر من قولي أهل العلم؛ لأن الأصل صحة الصلاة، ولا يحكم بالبطلان إلا بدليل قوي سالم من الاحتمال، وحديث الباب لا يدل على البطلان، بل يدل على أنها تتأخر وأن هذا موقفها.


(١) "الاعتبار" ص (٢٠٦ - ٢٠٩).
(٢) "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٠٧).
(٣) "المغني" (٣/ ٥٣).
(٤) "بداية المجتهد" (٢/ ٣٦١ - ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>