للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: الحديث دليل على صحة مصافة البالغ للصبي، وأن من صلى بجانبه صبي فليس فذّاً، وهذا قول الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية (١)، واختاره ابن عقيل الحنبلي، ذكر ذلك ابن اللحام، واختار هو ذلك حيث قال: (وما قاله أصوب) (٢).

ووجه الدلالة: أن اليتيم - وهو من مات أبوه ولم يبلغ - وقف مع أنس رضي الله عنه خلف النبي صلّى الله عليه وسلّم، فدل على جواز ذلك، ولا فرق بين مصافته في صلاة الفرض أو النفل إلا بدليل.

وتقدم حديث عمرو بن سلمة في صلاته بقومه وهو ابن ست أو سبع، فإنه إذا دل على جواز إمامة الصبي دل على جواز مصافته من باب أولى.

وذهب أحمد في المنصوص عنه إلى أنه لا تصح مصافة الصبي في الفرض، لعدم صحة إمامته، ولأنه يخشى أن لا يكون متطهراً فيكون البالغ فذّاً، وتصح مصافته في النفل، لهذا الحديث فإن هذه الصلاة كانت نفلاً (٣).

والقول الأول أرجح لقوة دليله، وما صح في الفرض صح في النفل، وأما التعليل بعدم صحة إمامته فهو مردود من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الراجح صحة إمامته، كما تقدم، فيكون الأصل المقيس عليه غير صحيح.

الثاني: أن المصافة ليست كالإمامة؛ لأن الإمامة أعظم من المصافة، فلا يصح القياس لاختلاف العلة.

الثالث: أن هذا تعليل في مقابلة نص، وهو حديث الباب.

الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز الجماعة في صلاة التطوع للمصلحة، وقد مضى بيان ذلك.

الوجه السادس: الحديث دليل على عناية الإسلام بمنع اختلاط المرأة بالرجل حتى في العبادات، فجعلها تقف وحدها ولا تقف مع الرجل، والله تعالى أعلم.


(١) "البحر الرائق" (١/ ٣٧٤)، "المهذب" (١/ ١٠٦)، "حاشية الخرشي" (٢/ ٤٥).
(٢) "القواعد" لابن اللحام ص (٢٠).
(٣) "الإنصاف" (٢/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>