للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجوز نصبها على الإغراء، كما ذكر القرطبي (١)، ولم يتضح لي وجه الإغراء، والظاهر أنه من باب اسم الفعل؛ كقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: ١٠٥] فيكون منصوباً باسم الفعل قبله؛ أي: الزموا السكينة.

والسكينة والوقار اسمان لمسمى واحد، فيكون ذكر الوقار من باب التأكيد، وقيل: بينهما فرق، فالسكينة: التأني في الحركات واجتناب العبث بيد أو رجل، والوقار: في الهيئة؛ كغض البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات.

قوله: (ولا تسرعوا) زيادة تأكيد، ولا منافاة بينه وبين قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] الذي قد يشعر بالإسراع؛ لأن المراد بالسعي في الآية المضيُّ والذهاب، يقال: سعيت إلى كذا؛ أي: ذهبت إليه.

قوله: (فما أدركتم فصلوا) الفاء واقعة في جواب شرط مقدر؛ أي: إذا بينت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا.

قوله: (وما فاتكم فأتموا) أي: أكملوا، وفي رواية: «فاقضوا» وذكر الحافظ أن أكثر الروايات بلفظ: «فأتموا» (٢)، واللفظان بمعنى واحد؛ لأن القضاء هو الإتمام في عُرف الشرع، قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: ٢٠٠]، وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: ١٠].

وأما تخصيص القضاء بمعنى: فعل شيء فات ومضى، فهو اصطلاح للفقهاء، وسيأتي ما يترتب على ذلك من الأحكام.

الوجه الثالث: الحديث بيان لأدب الحضور لأداء الصلاة، وهو أن المصلي يمشي إليها بسكينة ووقار، فما أدركه صلاَّه مع الإمام، وما فاته أتمه وقضاه، وبهذه الهيئة يحقق لنفسه ثلاث فوائد:

الأولى: الراحة والطمأنينة، فيدخل الصلاة هادئاً مرتاحاً، فيحصل له الخشوع والتدبر.


(١) "المفهم" (٢/ ٢٢٠).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ١١٨ - ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>