للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية: امتثال قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فإن أحدكم إذا كان يَعْمِدُ إلى الصلاة فهو في صلاة» (١)، والمعنى: أنه في حكم المصلي، فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده، واجتناب ما ينبغي للمصلي اجتنابه.

الثالثة: كثرة الخُطا إلى المساجد، وهذا لا يتأتّى مع السرعة، وتكثير الخطا مقصود لذاته، ورد فيه أحاديث؛ كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن لكم بكل خطوة درجة» (٢).

واعلم أن الأحاديث التي فيها الأمر بالمشي والنهي عن الإسراع عامة في جميع الأحوال، لا فرق بين أن يخاف فوات تكبيرة الإحرام أو فوات ركعة أو فوات الجماعة بالكلية، أو لا يخاف شيئاً من ذلك، كما أنه لا فرق بين الجمعة وغيرها؛ لأن النصوص عامة لم تستثن حالة واحدة، ولا يجوز التخصيص إلا بدليل، وهذا قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وهو قول لأحمد، وهو قول الثوري وعطاء، وابن المنذر، وحكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء (٣).

وأجاز بعض العلماء الإسراع الذي لا ينافي الوقار لمن خاف فوات تكبيرة الإحرام أو فوات الركعة، لأن بعض الصحابة رضي الله عنهم أسرعوا لإدراك التكبيرة الأولى، وهم أعلم من غيرهم بمعنى ما سمعوا من نبيهم صلّى الله عليه وسلّم، وهذا رواية عن أحمد (٤)، وقد نقل إسحاق بن منصور عن إسحاق بن راهويه أنه قال: (إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي) (٥).

الوجه الرابع: استدل بالحديث من قال بمشروعية الدخول مع الإمام ولو لم يدرك إلا قليلاً من الصلاة؛ كإدراكه في التشهد، لقوله: «فما أدركتم فصلوا» إلا أن القول بالتفصيل أولى على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية (٦)،


(١) أخرجه مسلم (٦٠٢).
(٢) أخرجه مسلم (٦٦٤).
(٣) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٢٥٨) "الأوسط" (٤/ ١٤٦) "التمهيد" (٢٠/ ٢٣٣) "فتح الباري" لابن رجب (٥/ ٣٩٣).
(٤) انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٢٥٧) "الأوسط" (٤/ ١٤٦) "المغني" (٢/ ١١٦ - ١١٧).
(٥) "مسائل أحمد وإسحاق" (٢/ ٦٠٠ - ٦٠١)، "جامع الترمذي" (٢/ ١٤٩)، وانظر: "شرح العمدة" لابن تيمية (٢/ ٥٩٦) "فتح الباري" لابن رجب (٥/ ٢٩٤).
(٦) "الفتاوى" (٢٣/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>