للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو أن يقال: إن كان يرجو وجود جماعة - كما في المساجد التي على الطرق - لم يدخل مع الإمام؛ لأن صلاته تامة مع جماعة أفضل، وكذا لو طمع في إدراك ركعة من الصلاة في مسجد آخر، وإن كان لا يرجو دخل معه، أخذاً بظاهر هذا الحديث.

الوجه الخامس: استدل بالحديث من قال: إن الجماعة تدرك بإدراك جزء من الصلاة، فمن كبر قبل سلام الإمام فقد أدرك الجماعة؛ لقوله: «فما أدركتم فصلوا»، ومن أدرك الإمام ساجداً أو جالساً في التشهد الأخير يسمى مدركاً، فَيُتِمُّ ما فاته، ويكون مدركاً للجماعة، وهذا قول الحنفية، والشافعية، وهي الرواية المشهورة عن أحمد، اختارها أكثر الأصحاب (١).

والقول الثاني: أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة فأكثر، وهو قول المالكية، ورواية عن أحمد، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (٣).

فهذا نص صريح يدل بمنطوقه على أن من أدرك ركعة من صلاة الإمام فقد أدرك صلاة الجماعة؛ لأنه عام في جميع صور إدراك الركعة من الصلاة، سواء كان إدراك جماعة أم إدراك وقت.

ويدل بمفهومه على أن من أدرك أقل من ركعة لم يدرك الصلاة، سواء كان إدراك جماعة أم إدراك وقت.

وهذا القول هو الراجح لقوة دليله، ويؤيده أمران:

الأول: أنه لا يعرف في نصوص الشرع تعليق الإدراك بالتكبير قبل سلام الإمام لا في الوقت ولا في الجمعة ولا في الجماعة، فهو وصف مُلغى في نظر الشرع، فلا يجوز بناء الحكم عليه.


(١) "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٥٩)، "المجموع" (٤/ ٢١٩)، "الإنصاف" (٢/ ٢٢١).
(٢) "مختصر خليل" ص (٣٤ - ٣٥)، "الإنصاف" (٢/ ٢٢٢)، "الفتاوى" (٢٣/ ٣٣١).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>