للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن ما دون الركعة لا يعتد به في الصلاة؛ لأن المأموم يستقبل جميع صلاته منفرداً، فلم يدرك مع إمامه شيئاً يحتسب له به.

وأما استدلال أصحاب القول الأول بحديث أبي هريرة: «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا» فهو من باب المفهوم، وحديث الإدراك من باب المنطوق، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.

الوجه السادس: اختلف العلماء فيما يدركه المأموم مع الإمام هل هو أول صلاته أو آخرها؟ قولان:

الأول: أن ما يدركه المأموم هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، وهو مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين، ذكرهم ابن المنذر (١)، وهذا قول الشافعي، ورواية عن مالك، ورواية عن الإمام أحمد (٢)، واستدلوا بقوله: «وما فاتكم فأتموا» وهي رواية الأكثرين، قالوا: والتمام هو الآخر، قالوا: ولا ينافي ذلك رواية: «وما فاتكم فاقضوا»؛ لأن القضاء هنا يراد به الإتمام، فالروايتان متفقتان، ورجح هذا ابن المنذر وابن حجر (٣).

القول الثاني: أن ما يدركه المأموم هو آخر صلاته، وما يقضيه هو أولها، وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن مالك، وهو المذهب عند الحنابلة (٤).

واستدلوا برواية: «وما فاتكم فاقضوا» قالوا: والقضاء لا يكون إلا لشيء قد فات، وقد فاته أول الصلاة، فيأتي به قضاء.

وبهذا يتبين أن سبب الخلاف اختلاف روايات الحديث، وتفسير القضاء بالمعنى الفقهي.


(١) "الأوسط" (٤/ ٢٣٨).
(٢) "المجموع" (٤/ ٢٢٠)، "المدونة" (١/ ٩٧)، "التمهيد" (٢٠/ ٢٣٤)، "الإنصاف" (٢/ ٢٢٥).
(٣) "الأوسط" (٤/ ٢٤٠)، "فتح الباري" (٢/ ١١٩).
(٤) "حاشية ابن عابدين" (١/ ٦٢٢)، "التمهيد" (٢٠/ ٢٣٤)، "الإنصاف" (٢/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>