للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول بأن السواك غير واجب بل مستحب هو قول جمهور أهل العلم، بل ادعى بعضهم فيه الإجماع، وحكي عن داود الظاهري وإسحاق بن راهويه القول بوجوبه لورود الأمر به، لكن قال النووي: (هذا النقل عن إسحاق غير معروف ولا يصح عنه) (١)، وكذا نسبة الوجوب إلى داود، ومما يؤكد ذلك أن ابن حزم الظاهري ذكر أن السواك سنة (٢)، والله أعلم.

الوجه الرابع: الحديث دليل على استحباب السواك عند الوضوء، وهذا غرض الحافظ رحمه الله فإنه صَدَّرَ أحاديث الوضوء بهذا الحديث، واختار رواية: «مع كل وضوء» مع أن رواية: «عند كل صلاة» في الصحيحين، وقد فعل هذا الترمذي فإنه ساق أحاديث السواك قبل باب «الوضوء»، وقد سلك كثير من الفقهاء هذا المسلك، فذكروا السواك من «سنن الوضوء».

ولم يحدد في الحديث مكان السواك من الوضوء، فلذا اختلف العلماء على قولين:

١ - أنه قبل أن يبدأ بالوضوء، فيستاك ثم يتوضأ، وهذا قال به جماعة من الحنفية، والمالكية، والشافعية (٣)، وكأنهم أخذوا برواية: «عند كل وضوء».

٢ - أن السواك في أثناء الوضوء، وذلك عند المضمضة، فإذا بلغ المضمضة جمع بينها وبين السواك، وهذا قول الجمهور (٤)، واستدلوا برواية: «مع كل وضوء» فإن (مع) تفيد المصاحبة، والمصاحبة فيها نوع من المداخلة، كالصاحب يداخل صاحبه فيخالطه في عشرته وعيشه، فيكون السواك على هذه الرواية داخل الوضوء.


(١) "المجموع" (١/ ٢٧١)، "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" (١/ ٥٥٣).
(٢) "المحلى" (٢/ ٢١٨).
(٣) "بدائع الصنائع" (١/ ١٩٠)، "حاشية العدوي" (١/ ١٨٣).
(٤) "عمدة القارئ" (٥/ ٢٦٣)، "نهاية المحتاج" (١/ ١٧٨)، "الفواكه الدواني" (١/ ١٥٣)، "كشاف القناع" (١/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>