ولكلا القولين وجهة، ولكن الأظهر من ناحية استقراء هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يكون السواك قبل الوضوء؛ لأنه لم يحفظ عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه تسوك أثناء المضمضة.
وقد ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما لما بات عند خالته ميمونة ووصف قيام النبي صلّى الله عليه وسلّم لصلاة الليل وفيه:(فاستيقظ وتسوك وتوضأ .. )، وهذه إحدى روايات مسلم.
الوجه الخامس: يقول الدكتور عبد الله السعيد: (إن الحكمة التي اتخذناها من قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأمره بالاستياك عند كل وضوء هو أن المسواك لا يزيل فضلات الأكل والرواسب المخاطية واللعابية أو الجيرية، بل يزحزح ويحرك هذه الرواسب من مواضعها التي علقت بها وخصوصاً ما بين الأسنان والشقوق والأخاديد التي على سطوحها، فالمضمضة هي الوسيلة لطرح وإزالة الرواسب للخارج، والتي كانت قد تحركت بفعل المسواك، ومن هنا تظهر الحكمة البالغة في قوله صلّى الله عليه وسلّم:«عند كل وضوء»، فلذلك يجب بعد تنظيف الأسنان المضمضة، كما أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وكما بيّن لنا ذلك طب الأسنان الحديث، ويقول الدكتور «هوبرت»، والدكتور «بارفت»: «يجب أن يعرف المريض أن تفريش الأسنان يزحزح فضلات الأكل، ولكن لا يزيلهما فلذلك فإن التمضمض ضروري ومهم .. »)(١).
الوجه السادس: تقدم أن الحديث ورد في الصحيحين بلفظ: «عند كل صلاة»، فيكون دليلاً على تأكد السواك عند فعل كل صلاة فريضةً كانت أو نافلة، حتى صلاة الصائم بعد الزوال، كالظهر والعصر؛ لأن الصلاة صلة بين العبد وربه تبارك وتعالى، فينبغي أن يكون العبد على أكمل هيئة وأحسن حال، إظهاراً لشرف العبادة، ولذا كانت الطهارة شرطاً لصحة الصلاة، ومن تكميل الطهارة تنظيف الفم بالسواك مما علق به من أوساخ، قد تحمل روائح كريهة.