للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحديث له شواهد منها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» (١).

وله شواهد أخرى من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وأنس وأبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع، رضي الله عنهم أجمعين (٢).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (إن الله يحب) المحبة من صفات الله تعالى الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف، من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، وهي محبة حقيقية تليق بالله تعالى، قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤]، وأما تفسيرها بالثواب أو بالرضا ونحو ذلك، فهذا تعطيل؛ لأنه خلاف ظاهر النصوص، وخلاف طريقة السلف، وليس عليه دليل.

قوله: (أن تؤتى رخصه) أي: تُفعل، والرخص: جمع رخصة، وهي تخفيف الحكم الأصلي، دون إبطال العمل به؛ كالقصر والفطر في حق المسافر - مثلاً ـ.

قوله: (كما يكره) الكراهة من الله تعالى لمن يستحقها ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف، قال تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ} [التوبة: ٤٦]، وهي كراهة حقيقية من الله تليق به، على ما تقدم.

قوله: (أن تؤتى معصيته) أي: مخالفة أمره وارتكاب نهيه.

وقد شبه الرسول صلّى الله عليه وسلّم محبةَ اللهِ إتيانَ رخصه بكراهته إتيانَ المعصية، وذلك - والله أعلم - دليل على أن في ترك إتيان الرخصة تركَ طاعةِ الله تعالى، كالترك للطاعة الحاصل بإتيان المعصية، فيكون ترك الطاعة بعدم الأخذ بالرخصة كترك الطاعة بفعل المعصية.


(١) أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح (٢/ ٦٩).
(٢) انظر: "إرواء الغليل" (٣/ ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>