للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (عزائمه) جمع عزيمة، وهي الحكم الثابت أصلاً دون ملاحظة التخفيف؛ كالصوم في السفر، وإتمام الصلاة، ونحو ذلك.

الوجه الثالث: الحديث دليل على إثبات الرخصة في الشريعة الإسلامية، وهي مبنية على العذر والتخفيف واليسر والسهولة ورفع الحرج والإثم عن المكلف، وحكمها الإباحة مطلقاً، إذ لو كانت مأموراً بها لكانت عزائم، والحاصل أنها رخص، وما ورد من الأمر ببعض الرخص كالأكل من الميتة في المخمصة فذلك من دليل آخر.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الله تعالى يحب من عباده أن يأخذوا برخصه، لما فيها من التيسير والتسهيل عليهم، كما يكره أن تؤتى معصيته بترك واجب أو فعل محرم، لما في ذلك من الاستهانة بأحكام شرعه، وكلها عزائم، فالواجبات عزائم من الله تعالى لفعلها، والمحرمات عزائم من الله تعالى لتركها، ومن الرخص رخص السفر من القصر، والفطر، والجمع عند الحاجة إليه.

الوجه الخامس: استدل بهذا الحديث من قال: إن القصر رخصة وليس بعزيمة، ولعل الحافظ ساقه مع أحاديث القصر لهذا الغرض، وهو تابع في ذلك لابن خزيمة، فإنه ساقه مع أحاديث القصر، وهكذا ابن بلبان في ترتيبه «صحيح ابن حبان»، كما سبقه إلى ذلك المجد ابن تيمية (١)، وابن عبد الهادي (٢)، والله أعلم.


(١) "المنتقى" (١/ ٦٦٥).
(٢) "المحرر" (١/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>