للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعلى القول بأن الميل أربعة آلاف ذراع، يكون الميلُ = ١٨٤٨ متراً، وثلاثةُ الأميال = ٥. ٥٤٤ كيلومتر.

وقد حصل الشك من الراوي وهو شعبة، والاحتياط هو الأخذ بالفراسخ؛ لأنها أكثر، ولحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى الظهر بالمدينة أربعاً، وصلّى العصر بذي الحليفة ركعتين (١)، وذو الحليفة: تبعد عن المدينة حوالي ستة أميال، كما ذكر الحافظ (٢).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا خرج مسافة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ قصر الصلاة، وقد نسب الحافظ الأخذ بهذا الحديث إلى الظاهرية (٣)، مع أن ابن حزم ذكر أن مسافة القصر ميل واحد (٤)، وأجاب عن هذا الحديث بأنه ليس فيه دليل على المنع من القصر فيما هو أقل من ثلاثة أميال.

وقد اختلف العلماء في المسافة التي يصدق على صاحبها أنه مسافر شرعاً ليأخذ برخص السفر، على أقوال كثيرة، بلغت قريباً من عشرين قولاً.

ولعل سبب الخلاف أمران:

الأول: إطلاق لفظ السفر في القرآن والسنة حيث لم يحدد ذلك في مسافة معينة.

الثاني: اختلاف المسافات والمدد التي قصر فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكذلك الاختلاف الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.

فذهب الجمهور، ومنهم: المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى أن مسافة القصر أربعة برد (٥)، وهي مسافة يومين، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما الآتي - إن شاء الله ـ، وبفعل ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم (٦)، لكن ورد عنهما


(١) أخرجه البخاري (١٠٨٩)، ومسلم (٦٩٠) (١١).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٥٧٠).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٤٠٧).
(٤) "المحلى" (٥/ ٢، ٢٠)، "فتاوى ابن تيمية" (٢٤/ ١٣٢).
(٥) "بداية المجتهد" (١/ ٤٠٣)، "المجموع" (٤/ ٣٢٢)، "المغني" (٣/ ١٠٥).
(٦) أخرجه البيهقي (٣/ ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>