للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يخالف ذلك، كما ذكر ابن قدامة (١)، ثم إن ذلك مخالف لظاهر القرآن وسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم، واختلف في تحديدها بالكيلو، لكن على القول بأن الميل = ١٨٤٨ متراً، والبريد أربعة فراسخ، ٤ × ٤ = ١٦ × ٣ ميل = ٤٨ ميلاً × ١٨٤٨ = ٨٨. ٧٠٤ كيلومتر.

والقول الثاني: أن مسافة القصر ثلاثة أميال، كما تقدم.

والقول الثالث: أن السفر لا يحدد بمسافة معينة، بل كل ما يسمى سفراً في العرف تقصر فيه الصلاة، وما ورد من ذكر مسافات معينة - كحديث الباب - فهو من باب التمثيل لا التحديد، قال ابن تيمية: (وهذا قول كثير من السلف والخلف، وهو أصح الأقوال في الدليل) (٢)، واختاره ابن قدامة (٣)، وابن القيم (٤)، ومما يؤيد ذلك:

١ - أن الله تعالى قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١]، فدلت الآية على إباحة القصر لمن كان ضارباً في الأرض - والضرب في الأرض: هو المشي فيها لقطع المسافة - والشرع لم يحدد مقدار الضرب في الأرض مع حاجة الناس إلى ذلك، وليس له حد في اللغة يرجع إليه، فدل على أنه يرجع فيه إلى العرف.

٢ - أن التقدير بابه التوقيف، فلا يجوز المصير إليه برأي مجرد، لا سيما وأنه ليس له أصل يرد إليه، ولا نظير يقاس عليه، وما ورد في ذلك مختلف، وبعضه يعارض بعضاً، وما كان كذلك فلا حجة فيه، إذ ليس الأخذ ببعضه بأولى من البعض الآخر.

٣ - أن تحديد السفر بمسافة معينة يستلزم تكليف الناس بمعرفة مسافات الطرق التي يسلكونها، وهذا فيه مشقة على كثير من الناس، لا سيما الطرق التي لم تسلك من قبل، ومقدار المسافات لا يعرفه إلا خاصة الناس.

فالمقصود أنه ليس هناك نص صريح في تحديد المسافة التي تقصر فيها


(١) "المغني" (٣/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٢) "الفتاوى" (٢٤/ ١٥).
(٣) "المغني" (٢/ ٢٥٧).
(٤) "زاد المعاد" (١/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>