للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الخامس: الحديث دليل على أنه لا يجوز قصر الصلاة لمن أراد السفر قبل الخروج من بلده، لقوله: (إذا خرج) فدل على أن القصر مبدؤه من بعد الخروج من البلد بالنسبة لأهل العمران، أو من مفارقة خيام قومه إن كان من أهل الخيام، وهو ما عبر عنه الفقهاء بقولهم: (إذا فارق العمران)، وقد ورد عن أنس رضي الله عنه قال: (صليت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحليفة ركعيتن) (١)، وقد بوّب عليه البخاري: «بابٌ يقصر إذا خرج من موضعه».

قال ابن المنذر: (لا نعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة) (٢).

وعلى هذا فلا يجوز القصر في البلد ولو كان ناوياً السفر، ولا في أطراف البلد، وهذا قول جمهور العلماء؛ لأن الأصل هو الإتمام، فيبقى على ما كان عليه حتى يثبت له القصر؛ لأن هذا الشخص ليس مسافراً بل يريد السفر، والقصر مشروط بالضرب في الأرض، كما في الآية الكريمة، والضرب في الأرض معناه: المشي في الأرض لقطع المسافة، ومن لم يخرج من البلد لم يضرب في الأرض؛ لأنه لم يسافر؛ لأن السفر هو البروز والظهور، كما تقدم، والله تعالى أعلم.


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) "الأوسط" (٤/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>