للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بمطلق مسماه ووجوده، ولم يجز تقديره بمدة) (١)، وقال: (وأما من تبينت له السنة وعلم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين، ولم يحدَّ السفر بزمان أو مكان، ولا حد الإقامة أيضاً بزمن محدد لا ثلاثة ولا أربعة ولا اثنا عشر ولا خمسة عشر، فإنه يقصر كما كان غير واحد من السلف يفعل … ) (٢).

ويؤيد ذلك ما يلي:

١ - أن الشيخ ذكر أن المرجع إلى العرف في كل شيء لم يرد له حد في الشرع ولا في اللغة، ولا ريب أن الإقامة من هذا النوع إن لم نأخذ بحديث الباب.

٢ - أنه اعتبر في فتاواه أموراً عرفية، فقد أفتى ملاّح السفينة إذا كان معه امرأته وجميع مصالحه، وكذا الأعراب الذين يشتّون في مكان ويصيِّفون في مكان، أن هؤلاء لا يترخّصون حال إقامتهم.

وعلى هذا فالقول بإرجاع الإقامة إلى العرف وجيه جدّاً، لما تقدم من أن كل اسم ليس له حد في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف؛ ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسافرون مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا يسألون عن سبب ترخّصه في أوقات مسيره ونزوله، ولم يضع لهم ضابطاً معيناً مما يدل على أنه أمر معروف عندهم عرفاً.

ثم إن هذه المسألة من المسائل الاجتهادية - كما يظهر من الخلاف - لعدم وجود نص صريح سالم من المعارض، وعليه فمن أخذ بتحديد الإقامة بأربعة أيام فله سلف في ذلك وهم الجمهور، وفي ذلك احتياط كما تقدم، ومن رأى أن المرجع في ضابط الإقامة إلى العرف كضابط السفر فحسن، ولا يؤثر على هذا الاعتبار أن الناس قد يختلفون عرفاً في تحديد الإقامة؛ لأننا نقول:


(١) "الفتاوى" (٤/ ٤٣٤).
(٢) "الفتاوى" (٢٤/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>