للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما جاء بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالأيام؛ كمدة المسح على الخفين، والعِدَدِ، وأيام الصيام، والكفارات، وغير ذلك مما حاجة الناس إليه أقل بكثير من الحاجة لمدة القصر، فهذا يدل على أن أعداد الأيام غير مراد، قال ابن تيمية: (ولو كان هذا حدّاً ناقلاً بين المقيم والمسافر لبيَّنه للمسلمين) (١).

الثاني: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يأمر من جاء قبله بيوم أو أكثر بالإتمام؛ لكونه زاد على أربعة أيام (٢)، مع حاجة الجمع الكثير معه إلى فقه هذه المسألة، وقد يقال: إن من المقرر في الأصل أن الأفعال لا عموم لها، فيجب الاقتصار على دلالة ما فعله، دون أن يُحتج به على ما لم يفعله.

القول الثاني: أن الإقامة تحدد بعشرة أيام (٣)، أخذاً بهذا الحديث؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أقام عشرة أيام في مكة في حجة الوداع، فأدخلوا إقامته صلّى الله عليه وسلّم في منى وفي عرفة، وهذا القول وإن كان له قوته وله وجاهته - كما قال الشيخ عبد العزيز بن باز (٤) ـ، لكن الجمهور جعلوا توجهه من مكة إلى منى شروعاً في السفر؛ لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج، ثم يسافر إلى المدينة.

والقول الثالث: أن المرجع في ضابط الإقامة التي ينقطع بها حكم السفر إلى العرف، فمن أقام إقامة عرفية فقد انقطع سفره وانتهى ترخّصه، ودليل ذلك أنه لم يأت في الكتاب والسنة ما يدل على التحديد، وما ورد من ذلك مختلف لا يصلح لتحديد معين؛ لأنها وقائع عينية غير مقصودة، بل وقعت اتفاقاً، لا تصلح أن يستدل بها على التحديد.

وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، وهو الذي يفهم من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب (٦).

يقول ابن تيمية: (ومن ذلك أنه علق الحكم بمسمى الإقامة كما علقه بمسمى السفر، ولم يفرق بين مقيم ومقيم)، وقال: (ما أطلقه الشارع يُعمل


(١) "الفتاوى" (٢٤/ ١٣٨).
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: "المجموع" (٤/ ٣٦٥).
(٤) "فتاوى ابن باز" (١٢/ ٢٧٨).
(٥) "الفتاوى" (١٩/ ٢٣٥) (٢٤/ ٣٦).
(٦) "الدرر السنية" (٣/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>