للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثبت في «الصحيحين»، فيكون أقام بالأبطح خمسة أيام متوالية منها ثلاثة تامة، ويومان ناقصان، وهما يوم الدخول وهو الرابع، ويوم الخروج وهو الثامن، وبهذا يتبين أن الجمهور يعدون اليوم الرابع من ذي الحجة مع أيام الإقامة، فتكون أربعة، ولا يعدون اليوم الثامن مع أن صلاة الفجر في اليوم الرابع وصلاة الظهر في اليوم الثامن فُعلتا في غير مكان الإقامة، وعليه فالأظهر أن الأيام ثلاثة لا أربعة، والصلوات عشرون لا إحدى وعشرون.

قالوا: فإقامته صلّى الله عليه وسلّم بالأبطح قبل الحج إقامة مقصودة قبل فعلها، ومحددة البداية والنهاية، وهي أطول إقامة فعلها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهذا الوصف، فيكون عليها مدار الحكم في تحديد مدة إقامة المسافر في سفره.

وذلك أن القصر لا يجوز إلا لمن ضرب في الأرض، ومفهوم ذلك أن من توقف ضربه فقد امتنع قصره؛ لأنه لما فُقد الشرط فُقد المشروط، لكن هذه المدة - وهي الثلاثة الأيام - وجد لها مخصص من حكم الإقامة، فثبت جواز القصر فيها.

قالوا: ويؤيد ذلك ما رواه العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاث للمهاجر بعد الصَّدَر» (١)، قال ابن حجر: (يستنبط من ذلك أن إقامة ثلاثة أيام لا تخرج صاحبها عن حكم المسافر) (٢)، فدل ذلك على أن ثلاثة الأيام في حكم السفر، وما زاد على ذلك فهو في حكم الإقامة.

وهذا القول بالتحديد فيه احتياط، وقد سئل الإمام أحمد: لِمَ لم يقصر من زاد على ذلك - أي على أربعة أيام ـ؟ قال: (لأنهم اختلفوا، فيؤخذ بالأحوط).

ونوقش هذا التحديد بأمرين:

الأول: أنه لو كانت هذه هي مدة القصر لبيَّنها النبي صلّى الله عليه وسلّم أوضح بيان،


(١) أخرجه البخاري (٣٩٣٣)، ومسلم (١٣٥٢).
(٢) "فتح الباري" (٧/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>