للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فظاهر هذا أنهم يريحونها حين الزوال، فدل على أنهم صلوا الجمعة قبل الزوال، وهذا من أقوى الأدلة للقائلين بأن صلاة الجمعة قبل الزوال؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما، وثبت عنه قراءة (ق)، وكان يصلي بـ {سبح} و {الغاشية}، وأحيانًا بـ {الجمعة} و {المنافقون}، ولو كانت خطبته وصلاته بعد الزوال ما كانت إراحة النواضح عند الزوال بل بعده بكثير.

وعن أحمد رواية ذكرها الخرقي في "مختصره" (١) أنه يجوز فعلها في الساعة السادسة، أي: قبيل الزوال، واختارها أيضًا أبو بكر عبد العزيز، وابن شاقلا، والموفق ابن قدامة صاحب "المغني"، والشارح عبد الرحمن بن قدامة صاحب "الشرح الكبير" (٢)، وهذه الرواية أظهر مما قبلها، فتصلى قرب الزوال لا أول النهار، ويؤيد ذلك حديث جابر المذكور، فإنه يدل على أنهم صلوها قبيل الزوال.

وهذا القول قوي جدًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ذكر الساعات الخمس في حضور الناس إلى الجمعة، قال بعدها: "فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" (٣)، فظاهر هذا أن الإمام يخرج في الساعة السادسة (٤).

ويؤيد ذلك حديث جابر المذكور فهو صريح في صلاتها قبل الزوال، وحديث سلمة يدل بظاهره على صلاتها قريب من الزوال، ولا داعي لتأويل هذه الأحاديث، فإن الأدلة التي تدل على صلاتها بعد الزوال لا تنافي أدلة جواز صلاتها قبل الزوال.

على أن الأفضل والأحوط صلاتها بعد الزوال مع المبادرة بها رفقًا بالناس؛ لأنهم ينتظرونها فيشق عليهم التأخير؛ لأمرين:


(١) "المغني" (٣/ ٢٣٩)، "شرح الزركشي" (٢/ ٢٠٨).
(٢) "الشرح الكبير" (٥/ ١٨٦).
(٣) أخرجه البخاري (٨٤١)، ومسلم (٨٥٠).
(٤) انظر: "الشرح الممتع" (٥/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>