للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما استدلوا بأن الجمعة بدل من صلاة الظهر، والبدل يقوم مقام المبدل منه.

القول الثاني: أنه يجوز فعلها قبل الزوال، وهذا مذهب الحنابلة، والمنصوص عن أحمد، والذي عليه الأكثرون منهم أن أول وقتها وقت صلاة العيد، أي: بعد ارتفاع الشمس قدر رمح (١).

واستدلوا بحديث الباب على أن النفي راجع لأصل الظل، وليس للقيد الذي هو الاستظلال، والمعنى: وليس للحيطان ظل فنستظل به، فيدل على أنهم فعلوها قبل الزوال.

وهذا الاستدلال فيه نظر، والأظهر ما تقدم، وهو أن المراد نفي الظل الطويل الذي يكفي في الاستظلال، بدليل اللفظ الثاني، على أن الحديث لا يدل على الصلاة في أول النهار، بل ضعف ابن قدامة هذا القول، فقال: (وأما فعلها في أول النهار فالصحيح أنه لا يجوز، لما ذكره أكثر العلماء، ولأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل) (٢).

كما استدلوا بحديث سهل بن سعد المذكور، فإنه يدل على أنهم صلوا قبل الزوال؛ لأنه لم يكن الغداء ولا القيلولة بعد الزوال في ذلك الوقت، قال علماء اللغة: القيلولة: النوم نصف النهار، والغداء: هو الطعام الذي يؤكل أول النهار، وهذا فيه نظر، فإنه ليس بصريح على أنهم صلوها قبل الزوال، بل غاية ما يدل عليه أنهم كانوا يؤخرون القيلولة والغداء في هذا اليوم إلى ما بعد الجمعة؛ لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فواتها أو فوات التبكير إليها.

كما استدلوا بحديث جابر رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نرجع فنريح نواضحنا) (٣)، وفي رواية: (حين تزول الشمس)، والنواضح: جمع ناضح، وهو الجمل الذي ينضح الماء من البئر.


(١) "المغني" (٣/ ٢٣٩).
(٢) "المغني" (٣/ ٢٤١).
(٣) أخرجه مسلم (٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>