للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنذر (١)، وقد رواه عنه عبد الرزاق (٢)، لكن أخرج ابن أبي شيبة من طريق يونس عنه قال: (الإمام إذا لم يخطب صلى أربعًا) (٣)، وهذه الرواية عنه توافق مذهب الجمهور، لكن لا نعلم أيهما المتأخر.

وقد استدل القائلون بشرطية الخطبتين بما يلي:

١ - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: ٩]، وقد ذكر المفسرون أن المراد بـ {ذكر الله}: الخطبة والصلاة.

ووجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بالسعي إلى ذكره، ومنه الخطبة، وهذا يتضمن الأمر بها من باب أولى؛ لأن ما كان السعي إليه واجبًا يكون واجبًا، فإذا وجبت الوسيلة وجبت الغاية.

٢ - أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليهما مواظبة غير منقطعة، وهذا قد يكو بيانًا للآية الكريمة، وعلى هذا فلا يقال: إنه لا دليل على الوجوب إلا الفعل المجرد، وهو لا ينتهض لإثبات الوجوب، بل الدليل الآية والفعل البياني.

والقول الثاني: أن الخطبة ليست شرطًا، فتصح الجمعة بدونها، وهذا أحد قولي الحسن، وقول داود، ورواية عن مالك، لعدم الدليل على شرطيتها (٤).

• الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية كون الخطيب يوم الجمعة قائمًا؛ لأن ذلك أشد في وعظه، وأشمل في صوته.

قال ابن عبد البر: (أجمع العلماء على أن الخطبة لا تكون إلا قائمًا لمن قدر على القيام … ) (٥)، وقال ابن رجب: (لعله أراد إجماعهم على استحباب ذلك، فإن الأكثرين على أنها تصح من الجالس مع القدرة على القيام مع الكراهة، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، والمشهور عن أحمد، وعليه


(١) "الأوسط" (٤/ ٥٩).
(٢) "المصنف" (٣/ ١٧٢).
(٣) "المصنف" (٢/ ١٢١ - ١٢٢).
(٤) انظر: "إكمال المعلم" (٣/ ٢٥٦)، "نيل الأوطار" (٣/ ٣٠١).
(٥) "الاستذكار" (٥/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>