للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أصحابه، وقول إسحاق أيضًا) (١).

وقد دل حديث جابر بن سمرة على وجوب القيام في الخطبة وهو قول الشافعي، ومالك في رواية (٢) من وجهين:

الأول: مشروعية الجلوس بينهما، ولو كان القعود مشروعًا في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بينهما بجلوس.

الثاني: قول جابر: (فمن نبأك أنه كان يخطب جالسًا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي مرة).

وقد روى ابن عمر رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين يقعد بينهما)، وفي رواية: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا، ثم يقعد، ثم يقوم كما تفعلون الآن) (٣).

• الوجه الرابع: الحديث دليل على مشروعية الجلوس بين الخطبتين؛ ليحصل الفصل بين الخطبتين، ولئلا يتعب الخطيب، ويمل السامع.

وهذا الجلوس سنة عند الجمهور؛ لأن مجرد الفعل لا يفيد إلا الندب، وقالت الشافعية بوجوبه (٤)، والواجب الفصل بين الخطبتين ولو بغير الجلوس، لكن الجلوس أفضل.

وليس في هذا الجلوس ذكر مشروع، وليس له مقدار معين على القول الراجح، وإنما يحصل المقصود بمقدار ما يحصل الفصل، وقيل: بقدر سورة الإخلاص (٥)، ولا دليل عليه، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) "فتح الباري" (٨/ ٢٤٦)، وانظر: "الهداية" (١/ ٨٣)، "المغني" (٣/ ١٧٠)، "حاشية الدسوقي" (١/ ٣٧٩).
(٢) "المجموع" (٤/ ٥١٥).
(٣) أخرجهما البخاري (٩٢٠ - ٩٢٨)، وأخرج مسلم (٨٦١) الرواية الثانية.
(٤) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٦/ ٣٩٩).
(٥) "المجموع" (٤/ ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>