للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (والإمام يخطب) جملة في محل نصب على الحال، مشعرة بأن ابتداء الإنصات من الشروع في الخطبة لا من خروج الإمام.

قوله: (فقد لغوت) أي: وقعت في اللغو، وهو الكلام الباطل الذي تفوت به فضيلة الجمعة، وقد دل على هذا التفسير حديث ابن عباس الذي قبله؛ لأن قوله: " ليست له جمعة " يفسر قوله: "فقد لغوت" كما ذكر الحافظ.

• الوجه الثالث: دل الحديثان على وجوب الإنصات لخطبتي الجمعة وتحريم الكلام والإمام يخطب؛ لأن الخطبة شرعت لمصلحة الحاضرين وإفادتهم وتذكيرهم، ولا يحصل ذلك إلا بالاستماع للخطيب والإصغاء له، وعلى هذا فلا يليق بأحد أن يتكلم أو يتشاغل بشيء في هذه الحال، بل عليه أن ينصت ويحضر قلبه للاستفادة.

والإنصات للخطيب واجب إذا سمعه على الصحيح من قولي أهل العلم، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد في المشهور عنه، ورواية في مذهب الشافعي، وهو قول ابن حزم (١)، واستدلوا بهذا الحديث.

والقول الثاني: أنه لا يجب الإنصات بل يستحب، وهذا هو الراجح من مذهب الشافعي، كما ذكر النووي (٢)، ورواية عن أحمد حكاها ابن قدامة (٣)، واستدلوا بقصة الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (ادع الله أن يسقينا … ) الحديث بطوله في " الصحيحين"، وقول الآخر له: (متى الساعة؟) كما ثبت في " الصحيحين" أيضًا.

قالوا: ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم كلامهم، ولو كان حرامًا لأنكره عليهم.

والراجح هو الأول كما تقدم لقوة دليلهم، وأما دليل القول الثاني فإنه مختص بمن كلمهم الإمام أو كلم الإمام؛ لأنه لا يشغل بذلك عن


(١) "المحلى" (٥/ ٦١)، "الهداية" (١/ ٨٤)، "المدونة" (١/ ٢٣٠)، "المغني" (٣/ ١٩٣).
(٢) "المجموع" (٤/ ٥٢٣).
(٣) "المغني" (٣/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>